الجمعة، 5 ديسمبر 2008

هل لك في ذلك مُعتبر

ذهب رجل الى علي بن أبي طالب رضي الله عنه ليكتب له عقد بيت ، فنظر علي الى الرجل فوجد أن الدنيا متربعة على قلبه فكتب:

اشترى ميت من ميت بيتاً في دار المذنبين له أربعة حدود

الحد الأول يؤدي الى الموت ، و الحد الثاني يؤدي الى القبر ، و الحد الثالث يؤدي الى الحساب والحد الرابع يؤدي اما للجنة و اما للنار .
فقال الرجل لعلي:ما هذا يا علي ، جئت تكتب لي عقد بيت ، فكتبت لي عقد مقبرة ...
فقال له علي :
النفس تبكي على الدنيا و قد علمت ..... أن السعادة فيها ترك ما فيها
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها ..... الا التي كان قبل الموت بانيها
فان بناها بخير طاب مسكنه .... و ان بناها بشر خاب بانيها
أموالنا لذوي الميراث نجمعها ..... و دورنا لخراب الدهر نبنيها
*****
أين الملوك التي كانت مسلطنة .... حتى سقاها بكأس الموت ساقيها
فكم مدائن في الآفاق قد بنيت ..... أمست خرابا و أفنى الموت أهليها
لا تركنن الى الدنيا و مافيها .... فالموت لاشك يفنينا و يفنيها
لكل نفس و ان كانت على وجل .... من المنية آمال تقويها
المرء يبسطها و الدهر يقبضها ..... و النفس تنشرها و الموت يطويها
إن المكارم أخلاق مطهرة ..... الدين أولها و العقل ثانيها
و العلم ثالثها و الحلم رابعها ..... و الجود خامسها و الفضل سادسها
و البر سابعها و الشكر ثامنها ..... والصبر تاسعها و اللين باقيها
و النفس تعلم أني لاأصادقها ..... و لست أرشد الا حين أعصيها
اعمل لدار غد رضوان خازنها .... و الجار أحمد و الرحمن ناشيها
صورها ذهب و المسك طينتها ..... و الزعفران ربيع نابت فيها
أنهارها لبن محض و من عسل ..... و الخمر يجري رحيقا في مجاريها
و الطير تجري على الأغصان عاكفة ..... تسبح الله جهراً في مغانيها
من يشتري الدار في الفردوس يعمرها ..... بركعة في ظلام الليل يحييها
فقال الرجل لعلي: اكتب أنني وهبتها لله و رسوله