الخميس، 27 أغسطس 2009

حكاية النسر





حكاية النسر


يُحكى أن نسرا كان يعيش في إحدى الجبال ويضع عشه على قمة إحدى الأشجار، وكان عش النسر يحتوي على 4 بيضات، ثم حدث أن هز زلزال عنيف الأرض فسقطت بيضة من عش النسر وتدحرجت إلى أن استقرت في قن للدجاج، وظنت الدجاجات بأن عليها أن تحمي وتعتني ببيضة النسر هذه، وتطوعت دجاجة كبيرة في السن للعناية بالبيضة إلى أن تفقس. وفي أحد الأيام فقست البيضة وخرج منها نسر صغير جميل، ولكن هذا النسر بدأ يتربى على أنه دجاجة، وأصبح يعرف أنه ليس إلا دجاجة، وفي أحد الأيام وفيما كان يلعب في ساحة قن الدجاج شاهد مجموعة من النسور تحلق عالياً في السماء، تمنى هذا النسر لو يستطيع التحليق عالياً مثل هؤلاء النسور لكنه قوبل بضحكات الاستهزاء من الدجاج قائلين له: ما أنت سوى دجاجة ولن تستطيع التحليق عالياً مثل النسور، وبعدها توقف النسر عن حلم التحليق في الأعاليً، وآلمه اليأس ولم يلبث أن مات بعد أن عاش حياة طويلة مثل الدجاج.


أنك إن ركنت إلى واقعك السلبي تصبح أسيراً وفقاً لما تؤمن به، فإذا كنت نسراً وتحلم لكي تحلق عالياً في سماء النجاح، فتابع أحلامك ولا تستمع لكلمات الدجاج (الخاذلين لطموحك ممن حولك!) حيث أن القدرة والطاقة على تحقيق ذلك متواجدتين لديك بعد مشيئة الله سبحانه وتعالى. واعلم بأن نظرتك الشخصية لذاتك وطموحك هما اللذان يحددان نجاحك من فشلك ! لذا فاسع أن تصقل نفسك، وأن ترفع من احترامك ونظرتك لذاتك فهي السبيل لنجاحك، ورافق من يقوي عزيمتك .


غير التكتيك المعتاد عندما تسير الامور عكس ما تريد!


قال تعالى:"ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم "

الأربعاء، 26 أغسطس 2009

تهنئة ودعاء

اللهم بلغ احبتي شهر رمضان المبارك
أكثر ايمانا واكبر املا والم شملا واسعد حالا واوفر حلالا واريح بالا
والى الفردوس اقرب منالا
وتقبل الله صيامكم .. امين يارب العالمين
وتقبلو هديتى لكم بمناسبة الشهر الكريم

http://www.quranflash.com/quranflash.html







الثلاثاء، 11 أغسطس 2009

الخوف والرجاء

الخوف والرجاء
1- فضيلة الخوف والرجاء
2- حقيقة الخوف والرجاء
3- اسباب الخوف والرجاء
4- التوازن بين الخوف والرجاء
5- الرجاء لاينافى حسن الظن
6- الدعاء بين الخوف والرجاء
7- علو الهمة في الخوف والرجاء

فضيلة الخوف والرجاء
يقول الله جل جلاله في كتابه العزيز: أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ ءانَاء ٱلَّيْلِ سَـٰجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ ٱلآخِرَةَ وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِى ٱلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُو ٱلألْبَـٰبِ [الزمر

المؤمن في هذه الدنيا، بين خوفٍ من الله، وبين رجاءٍ لفضله وكرمه، بين خوفٍ من عقوبة الله وشدة بأسه، وانتقامه ممن خالف أمره، وبين قوة رجاء وأملٍ وطمع في سعة رحمة الله وفضله، وتجاوزه وإحسانه، فمتى قام بقلب المؤمن هذان الأمران: الخوف والرجاء، فإنه يرجى للمسلم خير، فإن المؤمن كلما وجد من نفسه تهاوناً وتساهلاً وكسلاً عن الطاعة وضعفاً في الأداء وجرأة على المحارم ذكّرها خوف الله وبأسه وانتقامه وأنه قادر على كل شيء، وكلما وجد من نفسه يأساً وقنوطاً ذكرها رجاء الله، وقوَّى ثقتها بالله، فبهذين الأمرين يستقيم حال المسلم.

والله جل وعلا في كتابه العزيز قد ذكر لنا أخلاق المؤمنون، صفات المؤمنين، أعمالهم، وما أعد لهم من الثواب العظيم: وَتِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِى أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [الزخرف:72]، إِنَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً [الكهف:30].

وذكر لنا أخلاق المكذبين الضالين، والمنحرفين عن المنهج القويم، وما توعّدهم به من العذاب الأليم: إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ فِى عَذَابِ جَهَنَّمَ خَـٰلِدُونَ لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ وَمَا ظَلَمْنَـٰهُمْ وَلَـٰكِن كَانُواْ هُمُ ٱلظَّـٰلِمِينَ [الزخرف:74-76]، قال تعالى: ٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ وَأَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [المائدة:98]، وقال: نَبّىء عِبَادِى أَنّى أَنَا ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِى هُوَ ٱلْعَذَابُ ٱلألِيمُ [الحجر:49، 50].
حقيقة الخوف والرجاء وأسبابهما
الرجاء‏:‏ هو ارتياح لانتظار ما هو محبوب عنده، ولكن ذلك المتوقع لابد له من سبب حاصل، فإن لم يكن السبب معلوم الوجود ولا معلوم الانتفاء، سمى تمنياً، لأنه انتظار من غير سبب، ولا يطلق اسم الرجاء والخوف إلا على ما يتردد فيه، فأما ما يقطع به فلا، إذ لا يقال‏:‏ أرجو طلوع الشمس وأخاف غروبها، لأن ذلك مقطوع به عند طلوعها وغروبها، ولكن يقال‏:‏ أرجو نزول المطر وأخاف انقطاعه‏.‏
وقد علم أرباب القلوب أن الدنيا مزرعة الآخرة، والقلب كالأرض، والإيمان كالبذر فيه، والطاعات جارية مجرى تنقية الأرض وتطهيرها، ومجرى حفر الأنهار ومساقى الماء إليها‏.‏
وإن القلب المستغرق بالدنيا، كالأرض السبخة التي لا ينمو فيها البذر‏.‏
ويوم القيامة هو يوم الحصاد، ولا يحصد أحد إلا ما زرع، ولا ينمو زرع إلا من بذر الإيمان، وقل أن ينفع مع خبث القلب وسوء أخلاقه، كما لا ينمو البذر فى الأرض السبخة‏.‏
فينبغي أن يقاس رجاء العبد المغفرة برجاء صاحب الزرع، فكل من طلب أرضاً طيبة، وألقى فيها بذراً جيداً غير مسوس ولا عفن، ثم ساق إليها الماء فى أوقات الحاجة، ونقَّى الأرض من الشوك والحشيش وما يفسد الزرع، ثم جلس ينتظر من فضل الله تعالى دفع الصواعق والآفات المفسدة، إلى أن يتم الزرع ويبلغ غايته، فهذا يسمى انتظاره رجاء‏.‏
فأما إن بذر فى أرض سبخة صلبة مرتفعة لا يصل إليها الماء ولم يتعاهدها أصلاً، ثم انتظر الحصاد، فهذا يسمى انتظاره حمقاً وغروراً، لا رجاء‏.‏
وإن بث البذر فى أرض طيبة، ولكن لا ماء لها، وأخذ ينتظر مياه الأمطار،سمى انتظاره تمنياً لا رجاء‏.‏
فإذن اسم الرجاء إنما يصدق على انتظار محبوب تمهدت أسبابه الداخلة تحت اختيار العبد، ولم يبق إلا ما ليس إلى اختياره، وهو فضل الله سبحانه، بصرف الموانع المفسدات، فالعبد إذا بث بذر الإيمان، وسقاه ماء الطاعات، وطهر القلب من شوك الأخلاق الرديئة، وانتظر من فضل الله تعالى تثبيته على ذلك إلى الموت، وحسن الخاتمة المفضية إلى المغفرة، كان انتظاره لذلك رجاءً محموداً باعثاً على المواظبة على الطاعات والقيام بمقتضى الإيمان إلى الموت، وإن قطع بذر الإيمان عن تعهده بماء الطاعات أو ترك القلب مشحوناً برذائل الأخلاق، وانهمك فى طلب لذات الدنيا، ثم انتظر المغفرة، كان ذك حمقاً وغروراً ‏.‏ قال الله تعالى ‏:‏‏
{‏فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 169‏]‏ وذم القائل ‏:‏‏{‏ولئن رددت إلى ربى لأجدن خيراً منها منقلبا‏}‏ ‏[‏الكهف‏:‏ 36‏]‏‏.‏
وروى شداد بن أوس، قال ‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ‏:‏‏
"‏ الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله عز وجل الأماني‏"‏ ‏
وقال معروف الكرخى رحمه الله ‏:‏ رجاؤك لرحمة من لا تطيعه خذلان وحمق، ولذلك
قال الله تعالى ‏:‏
‏{‏إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا فى سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 218‏]‏‏.‏المعنى‏:‏ أولئك الذين يستحقون أن يرجوا، ولم يرد به تخصيص وجود الرجاء، لأن غيرهم أيضاً قد يرجو ذلك‏.‏
واعلم‏:‏ أن الرجاء محمود، لأنه باعث على العمل، واليأس مذموم، لأنه صارف عن العمل، إذ من عرف أن الأرض سبخة، وأن الماء مغور، وأن البذر لا ينبت، ترك تفقد الأرض، ولم يتعب فى تعاهدها‏.‏
، لا تكون راجياً لله حقاً حتى تؤدي العمل، وتؤدي السبب، فالرجاء لله لا يكون إلا بعد الأعمال الصالحة، ترجو من الله قبول ذلك العمل، والإثابة عليه، أما مجرد رجاء مع تهاونٍ وتعطيلٍ للأوامر وارتكاب للنواهي، فتلك الأماني، والغرور، قال تعالى: إِنَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَـٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أُوْلـئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [البقرة:218]، فبأعمالهم الصالحة التي عملوها إخلاصاً لله وقياماً بالواجب صاروا ممن يرجون رحمة الله، أُوْلـئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ، فالرجاء بلا عمل أمانٍ كاذبة، قال تعالى مبيّنا فساد هذا التصور، تصور الرجاء مع ترك العمل الصالح: أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجْتَرَحُواْ ٱلسَّيّئَـٰتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ سَوَاء مَّحْيَـٰهُمْ وَمَمَـٰتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ [الجاثية:21]، ما داموا في الحياة متفاوتين فهم كذلك بعد الموت متفاوتين، قال تعالى: أَفَنَجْعَلُ ٱلْمُسْلِمِينَ كَٱلْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ [القلم:35، 36].

فيا من يرجو جنة الله وعفوه، يا من يرجو مغفرة الله وتجاوزه، يا من يرجو رضاء الله عنه، قدم عملاً صالحاً، ائت بالأسباب التي أمرك الله بها ليتحقق لك الرجاء، وأما الرجاء بلا عمل فتلك الأماني الكاذبة، قال تعالى: لَّيْسَ بِأَمَـٰنِيّكُمْ وَلا أَمَانِىّ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ مَن يَعْمَلْ سُوءا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً [النساء:123]، ثم قال: وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّـٰلِحَـٰتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً [النساء:124].

...قوِّ الرجاء مع العمل الصالح، فالأعمال الصالحة يكون بها الرجاء حقاً، قال تعالى: فَٱسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنّى لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مّنْكُمْ مّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ بَعْضُكُم مّن بَعْضٍ الآية [آل عمران:195]، المهم من ذلك أن يكون رجاؤك لرحمة الله، ورجاؤك لجنة الله، ورجاؤك لرضى الله عنك واقعاً بعد أعمال صالحة عملتها وتقربت بها إلى الله، قال تعالى: فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَـٰلِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبّهِ أَحَدَا [الكهف:110].
إن الله جل وعلا توعّد المخالفين لأمره بالوعيد الشديد: أَفَأَمِنَ ٱلَّذِينَ مَكَرُواْ ٱلسَّيّئَاتِ أَن يَخْسِفَ ٱللَّهُ بِهِمُ ٱلأرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ ٱلْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِى تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَىٰ تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ.[النحل:45-47].

والله تعالى يصف عباده المؤمنين ويذكر أعمالهم الصالحة: إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ ءايَـٰتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَـٰناً وَعَلَىٰ رَبّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ يُنفِقُونَ أُوْلـئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَـٰتٌ عِندَ رَبّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [الأنفال:2-4]، قال بعض السلف: "ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني، ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال"
قيل للحسن رحمه الله: إنا نصاحب أقواماً يؤمِّنوننا، قال: "لأن تصحب أقواماً يخوِّفونك حتى تزداد أمنا أحب إليَّ من أقوام يؤمنونك حتى تزداد خوفاً"، فإن من يقوي رجاءك مع تهاونك بالأعمال فذا خادع لك، وإنما يقوى الرجاء مع قوة العمل، ولهذا عند الاحتضار المؤمن المستقيم على الطاعة والهدى إذا بُشر بالنعيم المقيم أحب لقاء الله، فأحب الله لقاءه، وغير المؤمن إذا نظر إلى مقعده من النار وحاله السيئة بعد ذلك كره لقاء الله، فكره الله لقاءه. فالمؤمن يرجو لقاء الله لما قدم من عمل صالح خالصٍ لله، يدل على قوة الرجاء. وأما الرجاء بلا عمل فإنما هو الإتلاف والأماني والخداع الذي لا ينتج شيئاً.
فلنكن – إخوتي – راجين لله مع أعمالنا الصالحة، خائفين من بأسه وعقوبته، فإن قلوب العباد بين إصبعين من أصابعه يقلبها كيف شاء، إذا أراد أن يقلب قلب عبدٍ قلبه، وَنُقَلّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَـٰرَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِى طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ [الأنعام:110وروى الإمام أحمد والترمذي وغيرهما عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)، قال: فقلنا: يا رسول الله آمنا بك وبما جئت به فهل تخاف علينا، قال: نعم إن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها)
الخوف
أن الخوف عبارة عن تألم القلب واحتراقه بسبب توقع مكروه في الاستقبال‏.‏
مثال ذلك، من جنى على ملك جناية، ثم وقع في يده، فهو يخاف القتل، ويجوز العفو، ولكن يكون تألم قلبه بحسب قوة علمه بالأسباب المفضية إلى قتله، وتفاحش جنايته، وتأثيرها عند الملك، وبحسب ضعف الأسباب يضعف الخوف‏.‏ وقد يكون الخوف لا عن سبب جناية، بل عن صفة المخوف وعظمته وجلاله، إذ قد علم أن الله سبحانه، لو أهلك العالمين لم يبال، ولم يمنعه مانع ، فبحسب معرفة الإنسان بعيوب نفسه، وبجلال الله تعالى واستغنائه، وأنه لا يسأل عمل يفعل، يكون خوفه‏.‏
وأخوف الناس أعرفهم بنفسه وبربه، ولذلك قال النبى صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏
“أنا أعرفكم بالله، وأشدكم له خشية”‏.‏
وقال تعالى‏:‏ ‏
{‏إنما يخشى الله من عباده العلماء‏}‏ ‏[‏فاطر‏:‏ 28‏]‏ وإذا كملت المعرفة، أثرت الخوف، الخوف، ففاض أثره على القلب، ثم ظهر على الجوارح والصفات بالنحول والاصفرار والبكاء والغشى، وقد يفضي إلى الموت، وقد يصعد إلى الدماغ فيفسد العقل‏.‏
وأما ظهور أثره على الجوارح، فبكفها عن المعاصي، وإلزامها الطاعات، تلافياً لما فرط، واستعداداً للمستقبل‏.‏
قال بعضهم‏:‏ من خاف أدلج‏.‏
وقال آخر‏:‏ ليس الخائف من بكى، إنما الخائف من ترك ما يقدر عليه‏.‏
ومن ثمرات الخوف، أنه يقمع الشهوات، ويكدر اللذات، فتصير المعاصي المحبوبة عنده مكروهة، كما يصير العسل مكروهاً عند من يشتهيه إذ علم أن فيه سماً، فتحترق الشهوات بالخوف، وتتأدب الجوارح، ويذل القلب ويستكين، ويفارقه الكبر والحقد والحسد، ويصير مستوعب الهم لخوفه، والنظر في خطر عاقبته، فلا يتفرغ لغيره، ولا يكون له شغل إلا المراقبة والمحاسبة، والمجاهدة، والضنة بالأنفاس واللحظات، ومؤاخذة النفس فى الخطرات والخطوات والكلمات، ويكون حاله كحال من وقع في مخالب سبع ضار لا يدرى أيغفل عنه فيفلت، أو يهجم عليه فيهلكه، ولا شغل له إلا ما وقع فيه، فقوة المراقبة والمحاسبة بحسب قوة الخوف ، وقوة الخوف بحسب قوة المعرفة بجلال الله تعالى، وصفاته، وبعيوب النفس، وما بين يديها من الأخطار والأهوال‏.‏
وأقل درجات الخوف مما يظهر أثره فى الأعمال، أن يمنع المحظورات، فإن منع ما يتطرق إليه إمكان التحريم، سمى ورعاً، وإن انضم إليه التجرد والاشتغال بذلك عن فضول العيش، فهو الصدق‏.‏
قال ابن قدامة في مختصر منهاج القاصدين:
الخوف سوط الله تعالى يسوق به عباده إلى المواظبة على العلم والعمل، لينالوا بهما رتبة القرب من الله تعالى‏.‏
والخوف، له إفراط، وله اعتدال، وله قصور‏.‏
والمحمود من ذلك الاعتدال، وهو بمنزلة السوط للبهيمة فإن الأصلح للبهيمة أن لا تخلو عن سوط، وليس المبالغة في الضرب محمودة ولا التقاصر عن الخوف أيضاً محمود، وهو كالذي يخطر بالبال عند سماع آية، أو سبب هائل، فيورث البكاء، فإذا غاب ذلك السبب عن الحس، رجع القلب إلى الغفلة، فهو خوف قاصر قليل الجدوى، ضعيف النفع، وهو كالقضيب الضعيف الذي يضرب به دابة قوية فلا يؤلمها ألماً مبرحاً، فلا يسوقها إلى المقصد، ولا يصلح لرياضتها، وهذا هو الغالب على الناس كلهم، إلا العارفين والعلماء، أعنى العلماء بالله وبآياته، وقد عز وجودهم‏.‏ وأما المرتسمون برسوم العلم، فإنهم أبعد الناس عن الخوف‏.‏
وأما القسم الأول، وهو الخوف المفرط، فهو كالذي يقوى ويجاوز حد الاعتدال حتى يخرج إلى اليأس والقنوط، فهو أيضاً مذموم، لأنه يمنع من العمل، وقد يخرج المرض والوله والموت، وليس ذلك محموداً، وكل ما يراد لأمر، فالمحمود منه ما يفضي إلى المراد المقصود منه، وما يقصر عنه أو يجاوزه، فهو مذموم، وفائدة الخوف الحذر، والورع، والتقوى، والمجاهدة والفكر، والذكر، والتعبد وسائر الأسباب التي توصل إلى الله تعالى، وكل ذلك يستدعى الحياة، مع صحة البدن وسلامة العقل، فإذا قدح في ذلك شىء، كان مذموماً‏.‏
فإن قيل‏:‏ فما تقول فيمن مات من الخوف‏؟‏
فالجواب‏:‏ أنه ينال لموته على تلك الحال مرتبة لا ينالها لو مات من غير خوف، إلا أنه لو عاش وترقى إلى درجات المعارف والمعاملة، كان أفضل، فإن أفضل السعادة طول العمر فى طاعة الله تعالى، فكل ما أبطل العمر والعقل والصحة فهو نقصان وخسران‏.‏ )انتهى
الخوف محمود بشرط أن لا يخرج إلى اليأس وترك العمل وقطع الطمع من المغفرة فيكون ذلك سبباً للتكاسل عن العمل وداعياً إلى الانهماك في المعاصي فإن ذلك قنوط وليس بخوف إنما الخوف هو الذي يحث على العمل ويكدر جميع الشهوات ويزعج القلب عن الركون إلى الدنيا ويدعوه إلى التجافي عن دار الغرور فهو الخوف المحمود دون حديث النفس الذي لا يؤثر في الكف والحث ودون اليأس الموجب للقنوط‏.‏
وقد قال يحيى بن معاذ‏:‏ من عبد الله تعالى بمحض الخوف غرق في بحار الأفكار ومن عبده بمحض الرجاء تاه في مفازة الاغترار ومن عبده بالخوف والرجاء في محجة الادكار‏.‏
التوازن بين الخوف والرجاء

الخوف والرجاء هما جناحا المؤمن يطير بهما في سماء محبة ربه جل وعلا. ولا بد من تحقيق التوازن بين الخوف والرجاء حتى تستقيم حياة المؤمن في الدنيا وفي الآخرة. وقد قال العلماء بأن الأفضل في حال الرخاء هو تغليب الخوف. وأن الأفضل في حال الشدة أو المرض تغليب الرجاء. وقال بعض الصالحين: "لأن تجلس مع أناس يخوفونك حتى تأمن، خير لك من أن تجلس مع أناس يؤمنونك حتى تخاف".
ومن أمثلة التوازن بين الخوف والرجاء في حياة الصحابة قول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه: "لو نودي أن كل الناس في النار إلى واحدًا لظننت أنه عمر، ولو نودي أن كل الناس في الجنة إلا واحدًا لظننت أنه عمر".
ومنها قول سيدنا أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه: "لو أن إحدى قدمي في الجنة والأخرى خارجها ما أمنت مكر الله عز وجل". وقد دخل النبي صلى الله عليه وسلم على أحد الصحابة وهو في حالة الاحتضار وسأله كيف تجدك، فقال: "أجدني أرجو رحمة ربي وأخاف عذابه، فقال صلى الله عليه وسلم: "لا يجتمع هذان في قلب عبد في هذا الموضع إلا أعطاه الله ما يرجو وأمنه مما يخاف".
وفي الحديث:"لا يجمع الله على عبد أمنين ولا خوفين، من خافه في الدنيا أمنه يوم القيامة، ومن أمنه في الدنيا أخافه يوم القيامة".

أيما افــــضل الخــــوف أم الـرجـــــاء؟
الجواب على هذه المسألة له طرفان: الاول: قبل الاشراف على الموت. الثاني: في حال الإشراف على الرحيل ومغادرة الدار. أما الاول، أي قبل الإشراف على الموت ، فالأصل فيهما أي الخوف والرجاء الاعتدال ، فلا يطغى الخوف ولا يعلو الرجاء ، للذلك قدم المولى الخوف على الطمع في آية ،والرغب على الرهب في آية آخرى ، إشارة إلى ضرورة التساوي. وهذا ظاهرة في قوله تعالى:{ يدعون ربهم خوفا وطعما} (السجدة :6). ،وقوله تعالى:{ ويدعوننا رغبا ورهبا} (الانبياء 90)وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنته أحد ،لو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من جنته أحد "( ررواه مسلم)فالنبي صلى الله عليه وسلم ذَكّرَ بالعقوبة والرحمة معا، إشارة الى ضرورة اعتدال الخوف والرجاء وتساويهما. أما عند انعدام التساوي ففضلهما بحسب الداء الموجود ، فإن كان الغالب على القلب المعصية وداء الأمن من مكر الله تعالى والاغترار به فالخوف افضل ،وإن كان الأغلب هو اليأس والقنوط من رحمة الله فالرجاء أفضل. قال يحيى بن معاذ:" من عبد الله تعالى بمحض الخوف غرق في بحار الافكار ، ومن عبد بمحض الرجاء تاه في مفارق الاغترار ، ومن عبده بالخوف والرجاء استقام في محجة الادكار". وقال مكحول الدمشقي :" من عبد الله بالخوف فهو حروري ، ومن عبده بالرجاء فهو مرجىء ، ومن عبده بالمحبة فهو زنديق ، ومن عبده بالخوف والرجاء والمحبة فهو موحد". قال ابن القيم كما في تهذيب مدارج السالكين:" القلب في سيره الى الله عز وجل بمنزلة الطائر، فالمحبة رأسه ،والخوف والرجاء جناحاه ، فمتى سلم الرأس والجناحان فالطائر جيد الطيران ،ومتى قطع الرأس مات الطائر ، ومتى فقد الجناحان فهو عرضة لكل صائد كاسر".واستحب بعض السالكين تغليب جناح الخوف على الرجاء في حال الصحة ، لأن المعاصي والاغترار على الخلق اغلب فناسبها الخوف ،وهذا حسن شريطة أن يشحذ الخوف همة المغرورين والمتواكلين للعمل الدءوب ، ويكدر الشهوات ويقمع اللذات ويزعع القلب عن الركون إلى الدنيا ويدعوه إلى التجافي عن الشرور والفواحش والغرور.
وحتى يصلح السير وينهض السالك بالمهام لا بد أن يستوي الخوف والرجاء المشحونين بدافع الحب ووازع اللقاء .وإنما يصلح الرجاء دواء لرجل غلب عليه اليأس حتى ترك العبادة أو غلبه الخوف حتى امتنع عن القيام بالواجبات نحو أهله ونفسه ، فهذا يذّكر بالرجاء وعظيم فضل الله وجود كرمه على عباده حتى يخفف عليه أهوال الأثقال وآلام المسير . أما تارك العمل وصاحب الأماني فينبغي للواعظ أن يلجمه بالخوف ويزجره بقاصف الرهبة وسوط العقاب. قال ابن قدامة في مختصر منهاج القاصدين :"اعلم أن دواء الرجاء يحتاج إليه رجلان : إما رجل قد غلب عليه اليأس حتى ترك العبادة . وإما رجل غلب عليه الخوف حتى أضرّ بنفسه وأهله .واما العاصي المغرور المتمني على الله مع الإعراض عن العبادة ، فلا ينبغي أن يستعمل في حقه إلا أدوية الخوف ، فإن أدوية الرجاء تقلب في حقه سموماً ، كما أن العسل شفاء لمن غلبت عليه البرودة ، مضرٌّ لمن غلبت عليه الحرارة . ولهذا يجب أن يكون واعظ الناس متلطفاً ، ناظرا إلى موضع العلل ، معالجا كل علة بما يليق بهالا يقنط الناس من رحمة الله ، ولا يؤمنهم مكر الله" . ورئي أبان بن أبي عياش في النوم وكان مكثر ذكر أبواب الرجاء ، فقال : أوقفني الله تعالى بين يديه ، فقال : ما الذي حملك على ذلك؟ قلت:أردت أن أحببك إلى خلقك ، فقال : قد غفرت لك . فالداعية الواعظ لا يغلب جانب الرجاء حتى لا تتكل النفس فتقعد عن العمل ولا جانب الخوف حتى لا تقنط النفوس فتيأس من الرحمة مع سعتها. بل لا بد من مخاطبة الناس بالامرين معا. فإذن لا بد من الجمع بين هذه الأمور وغلبة الخوف هو الأصلح فى حال غلبة الشهوات وكثرة اللذات وميل النفس الى الهوى و الركون إلى الدنيا
.... أما إذا كان تغليب الخوف سببا مؤديا إلى اليأس والقنوط فهو مذموم . لأنه يمنع العمل ويدعو السالك إلى الركون والقعود ، فالمراد من الخوف ما هو المراد من السوط، وهو الحمل على العمل ، فإذا كان معو ل هدم فتركه واجب والرجوع الى الاعتدال حتم

. ولكن قبل الإشراف على الموت؟؟؟؟؟؟؟؟
أما في حال الإشراف على الموت ، فالأصح غلبة الرجاء والأمل وحسن الظن بالله ، لأن الخوف جار مجرى السوط الباعث على العمل ، وقد انقضى وقت العمل وفات محله ، فالمشرف على الموت لا يقدر على العمل والسعي، ثم هو لا يطيق اسباب الخوف ، فإن ذلك يقطع نياط قلبه ويعين على تعجيل موته. وأما روح الرجاء وضياء الأمل فإنهما يقويان قلبه ويحببان إليه ربه الذي إليه رجاؤه ومبتغاه ،ولا ينبغي لأحد ان يفارق الدنيا إلا محبا لله تعالى ليكون محبا للقاء الله تعالى ، فإن من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه.. قال النووي في رياض الصالحين:" اعلم ان المختار للعبد في حال صحته أن يكون خائفا راجيا،ويكون خوفه ورجاؤه سواء ، وفي حال المرض يتمحض الرجاء". وقواعد الشرع متظاهرة على هذا الاصل ،فعن جابر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بثلاث يقول:" لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله"( رواه مسلم)
وعن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من أحبَّ لقاء الله أحبَّ الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه" (رواه البخاري).ولما حضرت سليمان التيمي الوفاة قال لابنه : يا بني حدثني بالرخص، واذكر لي الرجاء حتى ألقى الله علي حسن الظن به. وكذلك لما حضرت الثوري الوفاة، واشتد جزعه جمع العلماء حوله يرجونه.وقال احمد بن حنبل ( رحمه الله) لابنه عند الموت : اذكر لي الأخبار التي فيها الرجاء وحسن الظن.
والرجاء تقارنه المحبة فمن ارتجى كرمه فهو محبوب والمقصود من العلوم والأعمال كلها معرفة الله تعالى حتى تثمر المعرفة المحبة فإن المصير إليه والقدوم بالموت عليه ومن قدم على محبوبه عظم سروره بقدر محبته ومن فارق محبوبه اشتدت محنته وعذابه فمهما كان القلب الغالب عليه عند الموت حب الأهل والولد والمال والمسكن والعقار والرفقاء والأصحاب‏:‏ فهذا رجل محابه كلها في الدنيا فالدنيا جنته إذ الجنة عبارة عن البقعة الجامعة لجميع المحاب فموته خروج من الجنة وحيلولة بينه وبين ما يشتهيه ولا يخفى حال من يحال بينه وبين ما يشتهيه فإذا لم يكن له محبوب سوى الله تعالى وسوى ذكره ومعرفته والفكر فيه والدنيا وعلائقها شاغلة له عن المحبوب فالدنيا إذن سجنه لأن السجن عبارة عن البقعة المانعة للمحبوس عن الاسترواح إلى محابه فموته قدوم على محبوبه وخلاص من السجن ولا يخفى حال من أفلت من السجن وخلي بينه وبين محبوبه بلا مانع ولا مكدر فهذا أول ما يلقاه كل من فارق الدنيا عقيب موته من الثواب والعقاب فضلاً عما أعده الله لعباده الصالحين مما لم تره عين ولا تسمعه أذن ولا خطر على قلب بشر وفضلاً عما أعده الله تعالى للذين استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة ورضوا بها واطمأنوا إليها من الأنكال والسلاسل والأغلال وضروب الخزي والنكال فنسأل الله تعالى أن يتوفانا مسلمين ويلحقنا بالصالحين
الرجاء لاينافى حسن الظن
عن أبي هريرة – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "يقول الله عز وجل أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حيث يذكرني.." الحديث. قال ابن القيم –رحمه الله- "يعني ما كان في ظنه فأنا فاعله به" انظر الجواب الكافي(1/3)، ولا تعارض بين حسن الظن بالله وبين منزلة الرجاء، إذ إن حسن الظن بالله رجاء، قال ابن القيم –رحمه الله-: "وحسن الظن هو الرجاء؛ فمن كان رجاؤه جاذباً له على الطاعة زاجراً له عن المعصية فهو رجاء صحيح، ومن كانت بطالته رجاء ورجاؤه بطالة وتفريطاً فهو المغرور" انظر الجواب الكافي (1/24). والعبد -يا أخي- مطالب بتحقيق الخوف والرجاء إذ هما من ركائز العبودية الصحيحة، والمؤمن حاله بين الخوف والرجاء يرجو رحمة الله ويحسن الظن بربه، ويخشى عذابه واستدراجه، وبذلك يستقيم أمره وتنتظم أحواله، على أنه ينبغي أن يعلم أن الرجاء حادٍ يحدو القلوب إلى الله والرجاء لا يكون رجاءً صحيحاً إلا إذا كان معه عمل، وحسن الظن يكون مع الإحسان، فالمحسن حسن الظن بربه أن يجازيه على إحسانه، ولا يخلف وعده ويقبل توبته، وأما المسيء المصر على الكبائر والظلم والمخالفات فإن وحشة المعاصي والظلم والحرام تمنعه من حسن الظن بربه، انظر الجواب الكافي(1/3).والفرق بين الرجاء والأماني، وبين الرجاء والغرور واضح لمن تأمله، قال ابن القيم –رحمه الله-: "والفرق بينه وبين التمني أن التمني يكون مع الكسل، ولا يسلك بصاحبه طريق الجد والاجتهاد، والرجاء يكون مع بذل الجهد وحسن التوكل"، وبَيَّن في موضع آخر الفرق بين حسن الظن والغرور "فحسن الظن إن حمل على العمل وحث عليه وساعده وساق إليه فهو صحيح، وإن دعا إلى البطالة والانهماك في المعاصي فهو غرور"، انظر الجواب الكافي(1/24).وقال أيضاً: "المؤمن يجمع بين الإحسان مع الخوف وسوء الظن بنفسه، والمغرور حسن الظن بنفسه مع إساءته" انظر مدارج السالكين(2/95). فاجمع يا أخي بين الخوف والرجاء، وأحسن ظنك بربك يستقم أمرك وتنتظم حياتك، واعلم أن الخوف والرجاء -كما قال بعضهم- كجناحي طائر إذا استويا استوى الطير وتم طيرانه، وإن نقص أحدهما وقع فيه النقص، وإذا ذهبا صار الطائر في حدّ الموت.

الدعاء بين الخوف والرجاء

سؤال الله الجنة والاستعاذة به من النار جامعٌ بين الخوف والرجاء، سأل النبي رجلاً من أصحابه فقال له: ((ماذا تدعو في صلاتك؟)) قال: يا رسول الله، أسأل الله الجنة، وأستعيذ به من النار، أما إني لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ، قال : ((حولها ندندن))]، يقول الرجل: يا رسول الله، أنا عندي أمران، أسأل الله الجنة أقول: اللهم إني أسألك الجنة، اللهم إني أعوذ بك من النار، ما أحفظ الدعاء الذي تدعو به أنت، ولا الذي يدعو به معاذ، إنما أقتصر على الكلمتين اللتين أحفظهما، أسأل الله الجنة، وأستعيذ به من النار، قال : ((حولها ندندن)) أي: كل دعائنا وكل تضرعنا وكل طاعاتنا حول الأمرين: أن نسأل الله الجنة ونستعيذ به من النار، فهذه هي الغاية من كل شيء، سؤال الله الجنة، والاستعاذة به من النار، وصدق الله: فَمَن زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا إِلاَّ مَتَـٰعُ ٱلْغُرُورِ [آل عمران:185].

فهذا الصحابي رضي الله عنه ما كان يحفظ إلا: اللهم إني أسألك الجنة، اللهم إني أعوذ بك من النار، والنبي أقرّه على أمره، وأخبر أن كل الأدعية وإن طالت أو قصرت فمردها إلى أمر واحد: سؤال الله الجنة، والاستعاذة به من النار، فمن زحزحه الله عن النار وأدخله الجنة فقد نال الفوز العظيم، والعطاء الجزيل.

نسأل الله أن يدخلنا وإياكم جنته، ويعيذنا وإياكم من ناره، إنه على كل شيء قدير.
علو الهمة في الخوف والرجاء
نزف البكاء دموع عينك فاستعر عيناً لغيرك دمعها مدرارُمن ذا يُعيرك عينهُ تــبكي بـها أرأيت عيناً للدموع تُعارً؟ سيد الخائفين من الله صلي الله عليه وسلم
عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال: قالوا : يا رسول الله، قد شبت ! قال : شيبتني هود وأخواتها .
آدم و دواد عليهما السلام : قال علقمة بن مرثد : لو عدل بكاء أهل الأرض ببكاء داود ما عدله، ولو عدل بكاء أهل الأرض ببكاء آدم حين أهبط إلى الأرض ما عدله .
وقال ثاب البناني : ما شرب داود شراباً بعد المغفرة إلا ونصفة ممزوج بدموع عينه .قال أويس القرني : ( كن في أمر الله كأنك قتلت الناس كلهم ) وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حفرت الدموع خطين أسودين في وجهه. فقلي بربك : كيف تحفر الدموع مجرى في اللحم.أبو عبيدة بن الجراح .. قال قتادة: قال أبو عبيدة بن الجراح : وددت أني كنت كبشاً فيذبحني أهلي فيأكلون لحمي ويحسون مرقي .عبد الله بن عمر بن العاص .... يقول : (( لأن أدمع دمعة من خشية الله أحب إلى من أن أتصدق بألف دينار)).
الربيع بن خثيم .....لما رأت أم الربيع بن خثيم ما يلقي الربيع من البكاء والسهر نادته ..
فقالت : يابني لعللك قتلت قتيلآً؟
فقال : نعم يا والدة قتلت قتيلاً ...
فقالت : ومن هذا القتيل يابني نتحمل عن أهله فيعفوك والله لو علموا ماتلقي من البكاء والسهر لقد رحموك؟
فيقول : يا والدتي هي نفسي.الحسن البصري .... قال يونس بن عبيد : ما رأيت أحد أطول حزناً من الحسن، كان يقول : نضحك ولعل الله قد اطلع على أعمالنا فقال : لا أقبل منكم شيئاً. قال الحسن : إن المؤمن يصبح حزيناً ويمسي حزيناً ولا يسعه غير ذلك لأنة بين مخافتين : بين ذنب قد مضى لا يدري ما الله يصنع فيه وبين أجل قد بقي لا يدري مايصيب فيه من المهالك.طاووس .... كان (( طاووس )) يفرش له الفراش فيضطجع ويتقلب كما تتقلي الحبة في المقلى ثم يقوم ويستقبل القبلة حتى الصباح ويقول : طير ذكر جهنم نوم الخائفيين .
سفيان الثورى .... قال يوسف بن سباط : كان سفيان إذا أخذ في ذكر الآخرة يبول الدم.عبد الله ابن المبارك .... قال رحمة الله: من أعظم المصائب للرجل أن يعلم من نفسه تقصيراً ثم لايبالي ولا يحزن عليه.الفضيل بن عياض ... قال رحمة الله : طوبى لمن استوحش من الناس ، وكان الله أنيسه، وبكى على خطيئته .علي بن الفضيل ..... قال الفضيل بن عياض : بكى علي ابني ، فقلت : يابني ، ما يبكيك ؟ قال : أخاف ألا تجمعنا القيامة .العلاء بن زياد ...قال قتادة : كان العلاء قد بكى حتى غشي بصره وكان إذا أراد أن يقرأ أو يتكلم جهشه البكاء، وكان أبوة قد بكى حتى عمي .الترمذي ... قال عمر بن علك : مات البخاري فلم يخلف بخراسان مثل أبي عيسى في العلم، والحفظ، والورع، والزهد،بكى حتى عمي، وبقى ضريراً سنين.
قال حوشب لمالك بن دينار : رأيت كأن مناديناً ينادى : الرحيل الرحيل، فما ارتحل إلا محمد بن واسع . فبكى مالك وخر مغشياً عليه.الشافعي .... قال سويد بن سعيد: كنت عند سفيان ، فجاء الشافعي فسلم وجلس، فروى ابن عيينة حديثناً رقيقاً، فغشي على الشافعي: فقيل: يا أبا محمد، مات محمد بن إدريس . فقال ابن عيينة إن كان مات ،فقد مات أفضل أهل زمانه .عمر بن عبد العزيز .....قال النضر بن عربي : دخلت على عمر بن عبد العزيز، فكان ينتفض أبدًا، كأن عليه حزن الخلق .
وعن إبراهيم بن عبيد بن رفاعة.. قال شهدت عمر بن عبد العزيز ومحمد بن قيس يحدثه، فرأيت عمر يبكي حتى اختلفت أضلاعه. قال المفضل بن غسان الغلابي : كان عمر بن عبد العزيز رحمه الله لا يجف دمعه من هذا البيت: ولا خير في عيش امرئ لم يكن له من الله في دار القرار نصيبالأوزاعي .... قال أبو مسهر: كان الأوزاعي يحيي الليل صلاةً وقرآناً وبكاءً وأخبرني بعض إخواني من أهل بيرون أن أمه كانت تدخل منزل الأوزاعي، وتتفقد موضع مصلاه ، فتجده رطباً من دموع الليل.
الجوني ..... قال أبو عمران الجوني: أرتني أمي موضعاً من الدار قد انحفر، فقالت: هذا موضع دموع أبيك .
الضحاك بن مزاحم ..... قال قيس بن مسلم: كان الضحاك إذا أمسى بكى، فيقال له، فيقول: لا أدري ما صعد اليوم من عملي .يزيد بن هارون .... قال الحسن بن عرفه العبدي: رأيت يزيد بن هارون بواسط وهو من أحسن الناس عينين، ثم رأيته بعين واحدة، ثم رأيته وقد ذهبت عيناه فقلت له: يا أبا خالد، ما فعلت العينان الجميلتان ؟
قال ذهب بهما بكاء الأسحار.
عبد العزيز بن أبي رواد قال عبد الله بن مرزوق : قلت لعبد العزيز بن أبي رواد : ماأفضل العبادة؟ قال: طول الحزن في الليل ونهار).
يحي بن معاذ الرازي ... كان يحي بن معاذ يقول: يا من ذكره أعز علي من كل شي ، لا تجعلني بين أعدائك غدًاً أذل من كل شي.
السري السقطي ....قال الجنيد بن محمد: سمعت السري يقول إني لأنظر في أنفي كل يوم مراراً، مخافة أن يكون وجهي قد اسود .وقال الجنيد: سمعت السري يقول ما أحب أن أموت حيث أعرف فقيل له : لم ذاك يا أبا الحسن؟ قال: أخاف أن لا يقبلني قبري فأفتضح .
محمد بن واسع........... زين القراء قال جعفر: كنت إذا وجدت في قلبي قسوة، نظرت إلى وجه محمد ابن واسع نظرة، وكنت إذا رأيت وجه محمد ابن واسع، حسبت أن وجهه وجه ثكلى.
علو الهمة في الرجاء
الرجاء من أجل منازل السائرين ، وأعلاها وأشرفها ، وعليه وعلى الحب والخوف مدار السير إلي الله.قال البيهقي في الشعب : ( قال بعض الحكماء في مناجاته: إلهي لو أتني خبر أنك غير قابل دعائي، ولا سامع شكواي، ما تركت دعائك ما بل ريق لساني ، أين يذهب الفقير إلا إلى الغني ، وأين يذهب الذليل إلا إلى العزيز، وأنت أغنى الأغنياء ، وأعز الأعزاء يارب؟!وقال أحمد بن أبي الحواري: سمعت أبا سليمان الداراني، ووقفت عليه وهو لايراني ، فسمعته يقول : لئن طالبتني بذنوبي لأطالبنك بعفوك، ولئن طالبتني بتوبتي لأطالبنك بسخائك ، ولئن أدخلتني النار لأخبرن أهل النار أني أحبك. عن سلمان الفارسي رضي الله عنة : إن الله عز وجل خلق مائة رحمة، منها رحمة يترحم بها الخلق، وتسع وتسعون ليوم القيامة.
قال أيوب السختياني- لله دره-: ( إن رحمة قسمها في دار الدنيا، وأصابني منها الإسلام ، إني لأرجو من تسع وتسعين رحمة ما هو أكثر من ذلك) .
وعن يحي بن يمان قال: قال سفيان الثوري رحمة الله : ما أحب أن حسابي جعل إلى والدي ، ربي خير لي من والدي.
وقال بعض العباد : لما علمت أن ربي عز وجل يلي محاسبتي، زال عني حزني، لأن الكريم إذا حاسب عبده تفضل.
قال سعيد بن ثعلبة الورق: بيتنا مع رجل من العابدين على الساحل بسيراف ، فأخذ في البكاء ، فلم يزل يبكي حتى خفنا طلوع الفجر، ولم يتكلم بشيء , ثم قال: جرمي عظيم، وعفوك كبير،فاجمع بين جرمي وعفوك يا كريم. قال فتصارخ الناس من كل ناحية.
وعن أبي المنذر الكوفي : أن معاوية جعل يقول وهو في الموت: إن تناقش يكن نقاشك يارب عذاباً،لا طوق لي بالعذاب، أو تجاوز فأنت رب رحيم عن مسيء ذنوبه كالتراب.
وقال أبو عمران السلمي :وإني لآتي الذنب أعرف قدرة وأعلم أن الله يـعفـو ويـغـفـرُلئن عظم الناس الذنوب فإنها وإن عظمت في رحمة الله تصغرُُقال أبن المبارك جئت إلى سفيان الثوري: عشية عرفة وهو جاث على ركبتيه، وعيناه تهملان، فقلت له : من أسوا هذا الجمع حالاً؟ قال: الذي يظنُ أن الله لا يغفر لهم.
ونظر الفضيل بن عياض إلى تسبيح الناس وبكائهم عشية عرفة،فقال : أرأيتم لو أن هؤلاء صاروا إلى رجل فسألوه دانقاً- يعني : سدس درهم أكان يردهم؟
قالوا: لا.
قال : والله، للمغفرةُ عند الله أهون من إجابة رجل لهم بدانق.قال سليمان التيمي: قال لقمانً لابنه: أى بُني ، عود لسانك: ( اللهم اغفرلى) فإن لله ساعات لا يرد فيهن سائلاً

الجمعة، 7 أغسطس 2009

صحح أكاذيبك


صحح أكاذيبك

إن معظم الصعاب التي تواجهك يمكنك أن تتجنبها ببساطة بأن تقول الحقيقة،
من الصعب أن تصحح كذبة تفوهت بها، خاصة إذا كنت قد أنكرتها،
وكلما استمررت في إنكار كذبه ما، كلما زاد تصديقك بها
وعندما تكون مجبراً على تصديق كذبه، فإنك لم تعد حراً،
وعندما تكذب، فإن أفضل نواياك تفتقر إلى كل أدوات الإقناع.

إن الكذبة تستهلك طاقة كي تدوم،
وتولد قلقاً من اكتشافها،
وتهدر وقتاً في إخفاء نفسها،
أما الحقيقة،
فتصنع طريقها...
قد تكون الحقيقة صعبة في البداية،
ولكنها تصحب أسهل الطرق على المدى الطويل،
إنك في حاجة لأن تقبل حقيقة أنك مثلك مثل أي شخص آخر
تنتهك الحقيقة في بعض الأحيان،
إنك تشوه الحقائق كي تبدو على حق،
خاصة عندما تكون معتقداً أنك مخطئ..
إنك تخفي أخطاءك لتحجب نقائصك عن أعين الآخرين،
إنك تبالغ في الأرقام كي تؤثر في الآخرين،
وتُحرف الأحداث كي تحفظ ماء وجهك،
وتُقلل من حجم الآلام إلى أدنى حد كي تحمي نفسك.

عندما تسمع نفسك تتفوه بكذبة،
حاول تصحيحها على الفور بأن تقول ببساطة:
لقد أسأت التعبير..
ثم أضف:
إن ما أقصد حقيقةً هو......,
وأكمل فكرتك وأنت تقول الحقيقة..
إذا ما أسرعت في فعلك ذلك على نحو عملي،
فلن يلحظ أحد شيئاً.
وإذا أردت،

يمكن أن تشرح غموض جملتك غير المقصودة

حيث أن كل التحريف قد ينطوي على غموض يؤدي إلى خيبة الأمل..

بل ربما تستطيع حتى أن تشركهم معك في الحلم الذي لا يزال يراودك

والذي كانت كذبتك تنطوي عليه.

إن صراحتك في تصحيح أخطائك تجرد الآخرين من أسلحة الهجوم،


وتعلن أمانتك وتكسبك أصدقاءً.


إنني لا أتوقع أن أكون مثالياً ...


إنني أتعلم من كل الأشياء ومن كل الناس ...


إنني أعترف بأخطائي بصراحة وحرية ...


إنني أصححها دون خجل


د.مصطفى السباعي