لاشك أن المتابع للشأن الليبي سوف يقع فى كثير من الحيرة فبعد مرور مايقرب من ثلاثة أسابيع لم يستطع الثوار أن يحسموا المعركة رغم أنهم كانوا قاب قوسين أو أدنى من حصار القذافى فى باب العزيزة بل نجد اليوم ان ميزان القوى قد بدأ في التحول لصالح القذافى ونظامه
ولأنني متابع للشأن الليبي وللقذافى ونظامه منذ فترة طويلة لم أكن شديد التفاؤل بعد انطلاق الثورة بأربعة أيام وبعد سقوط الشرق الليبي في أيدي الثوار بسهولة وعلى غير المتوقع
ورغم الشكل المسرحي والتصريحات الهزلية للقذافى فإنني أزعم انه شديد الدهاء وانه خطط منذ البداية ليحول الثورة الليبية عن النهج السلمي المدني الذي سارت فيه الثورة المصرية والتونسية إلى حرب أهلية قبلية والى صراع مسلح لاشك انه اقوي فيه
فانسحب من بنغازي و البيضا تاركا خلفه بعض الأسلحة وفى نفس الوقت قام بعزل طرابلس عزلا تاما وسحق المعارضين لنظامه فيها وقضى تماما على المظاهرات السلمية و وبعد ذلك جعل منها بؤرة تنطلق منها الكتائب المسلحة بأحدث الأسلحة
وهنا يبرز السؤال المهم أين الجيش الليبي ؟ ولماذا لم يتدخل ليحمى الثورة كما حدث في مصر وتونس ؟
،
الجيش الليبي تم إضعافه عمدا لصالح كتائب القذافى لان هاجس الخوف من الانقلاب العسكري عليه جعله يقلم أظافر جيشه، وينشئ عوضا عنه أو بموازاته كتائب عسكرية تفوقه في العدة والعتاد يشكل المرتزقة 80% من أفرادها هذا مع التسليح العالي والإعداد الجيد والذي يجعل منها عنصرا مؤثرا أكثر من الجيش نفسه
لذلك مع انضمام بعض الأفراد وبعض الوحدات من الجيش إلى الثوار لم نجد التأثير الواضح فالمؤسسة العسكرية الليبية ليست فاعلة للأسف
واليوم نجد أمامنا ثلاثة سيناريوهات محتملة :
السيناريو الأول ان ينتصر القذافى عسكريا على الأقل فى طرابلس وغرب ليبيا مع جزء من الساحل الشمالي الغنى بالبترول وبالتالي يظل الحاكم عسكريا رغم سقوطه سياسيا وهو مايجعل ليبيا تعيش حاله من العزلة والحصار شبيهه بحالة العراق بعد حرب الخليج الأولى وقد يؤدى إلى تقسيم ليبيا إلى منطقتين .
السيناريو الثاني أن يتدخل الغرب تدخلا عسكريا مباشرا بمشاركة عربيه رمزيه وتحت غطاء أممى وهو مايحسم المعركة مبكرا ولكنه يكلف العرب والشعب الليبي ثمنا باهظا
لان الغرب يريد الحصول على الغنيمة من البترول الليبي وهو مايجعلنا نعيش حالة العراق مابعد حرب الخليج الثانية .
السيناريو الثالث أن تقوم الأمم المتحدة بفرض حظر جوى على ليبيا وهو مايتردد الغرب فيه بدعوى أن ذلك يعد إعلان حرب(رغم ان هذا الحطر قد تم فرضه على ليبيا عدة سنوات بعد حادثة لوكيربى) وهو مايوفر للثوار فرصة جيدة إذا أضيف إليها التسليح الجيد قد يحسم المعركة بأقل قدر من الخسائر .