الجمعة، 7 أكتوبر 2011

حتى لاننسى 6 اكتوبر

خارج دائرة الضوء بقلم ابراهيم حجازى
....................................................

علينا أن نبقي حرب أكتوبر1973 في ذاكرتنا لتبقي في عقولنا وقلوبنا نهارا دائما يضيء الطريق أمام الأجيال...

في مثل هذا اليوم سنة1973 جاءت أحلي طلعة نهار علي مصر وكيف لا تكون وجيش مصر العظيم حقق ما شكك العالم كله فيه..


اقتحام القناة.. أصعب مانع مائي عرفته حرب في التاريخ واخترق الساتر الترابي أعتي مانع صناعي أقيم في حرب ودمر نقاط بارليف أقوي خط دفاعي أقامه جيش في العالم...


جيش مصر العظيم اقتحم واخترق ودمر ما اعتبره العالم كله مستحيلا ومع أول ضوء في نهار7 أكتوبر.. علي أرض سيناء80 ألف مقاتل لم يسمعوا يوما عن الخوف ولا يعرفون إلا النصر أو الاستشهاد...... وتحقق أعظم انتصار في تاريخ الأمة بفضل من الله وبعدالة قضيتنا وإيمان مطلق في عقيدتنا وعبقرية شعب في وقفته وراء جيشه وشجاعة وفداء وتضحية جيش أقسم ألا يخذل يوما شعبه...


تلك هي ملحمة حرب أكتوبر1973 التي أبدأ كلامي عنها بكلمات ليست لي ولا لأحد من المصريين


وبعدها نبدأ الحكاية.. حكاية من وصفهم رسول الله عليه الصلاة والسلام بأنهم خير أجناد الأرض...


نعتذر لأننا غير قادرين علي رد المصريين...المصريون لديهم معدات ضخمة وهم مختلفون تماما عن أي حرب سابقة...ما نملكه من دبابات وسلاح طيران قوي غير قادر علي رد المصريين...سأذهب إلي رياسة الوزراء اليوم وأطلب الانسحاب إلي خطوط خلفية...قتلانا كثيرون وصواريخ دفاعهم الجوي قتلت الكثير من طائراتنا...معذرة أنا غير قادر علي مواجهة المصريين علي الجبهة الجنوبية...الكلمات.. هي مقتطفات بالنص من المؤتمر الصحفي الذي عقده موسي ديان وزير الدفاع الإسرائيلي صباح يوم9 أكتوبر تعقيبا علي معارك يوم8 أكتوبر ولمن لا يعرف فإن8 أكتوبر أطلقوا عليه في إسرائيل يوم الاثنين الحزين


وأظنه أحزن يوم علي الصهاينة باعتباره يوم سقوط جيش إسرائيل من علي عرشه وإدراك العالم كله نهاية أسطورة الجيش الذي لا يقهر.. وأي جيش في العالم يضيع منه في نصف نهار400 دبابة و25 طائرة و200 قتيل وأكثر من300 جريح...وبالمناسبة هذا المؤتمر الصحفي حظرت جولدا مائير إذاعته في التليفزيون حفاظا علي الروح المعنوية لجيش وشعب إسرائيل بل إنها عينت مدير المخابرات السابق مسئولا عن الإعلام العسكري ورقيبا علي كل ما يقال من تصريحات للقادة...


وهناك كلمات أخري صاحبها أحد أهم خبراء الاستراتيجية في العالم هو ديبويه الأمريكي والرجل يقول:لا يحق لأي جيش في العالم مهما كانت درجة تقدمه أن يدعي أنه كان بإمكانه أن يخطط أو ينفذ حربا علي نفس الدرجة التي أدار بها الجيش المصري حرب1973.ديبويه نفسه في كتابه النصر المراوغ قال:ما قامت به إسرائيل في عملية الثغرة هي هزيمة وعملية تليفزيونية أدت إلي تحقيق الهدف المصري في إطالة زمن الحرب ووضعت إسرائيل نفسها في وضع حصار لم تنقذه منها إلا الولايات المتحدة الأمريكية في صفقة فض الاشتباك الأول التي وقعت في17 يناير1974..انتهت الكلمات التي هي ثلاث شهادات دامغة منهم لا منا وعليهم لا علينا..


ومثل هذه الشهادات كثير والوثائق التي يتم الإفراج عنها لمرور30 سنة كلها تشهد لنا وشاهد علي انتصارنا ومع ذلك لا أحد يعرف لأننا إعلاميا في غيبوبة ولا نعرف ما لنا وما علينا وهم صوتهم العالي وآلة إعلامهم الصهيوني الجبارة تغطي وتبتلغ أي حقائق.. ما علينا وتعالوا لنري ما حدث في هذه العبقرية المصرية العسكرية وأرجو أن تسعفني المساحة في إلقاء الضوء علي كل الأحداث من خلال هذه النقاط...1ـ يوم6 أكتوبر1973 هو نتاج كل الدروس المستفادة من هزيمة يونيو1967.. هو محصلة ست سنوات فكرا وتخطيطا وجهدا وعرقا وفداء وشجاعة وتضحيات بلا حدود.. هو يوم قطف ثمار معارك عسكرية كثيرة جدا حققنا فيها انتصارات رائعة جدا وأول عملية برية كانت معركة رأس العش يوم1 يوليو1967 أي بعد ثلاثة أسابيع من هزيمة5 يونيو.. وفي رأس العش تأكدنا أننا لم نمت وأننا أحياء وأننا أقوياء وأنه عندما لاحت فرصة القتال للجندي المصري ظهر معدنه وتأكدت شجاعته... وفي رأس العش عرف العدو يقينا أن المصريين لحمهم مر فابتعدوا وانسحبوا وهم الطابور المدرع الذي له أول يمكن أن تراه والعين لا تري آخره من حجمه وطوله وضخامته وتنوع أسلحته ومع ذلك فشل في أن يزحزح فصيلة صاعقة مترا واحدا من الأرض التي تدافع عنها لأنها أرضها وعرضها وشرفها والعقيدة التي نقدم في سبيلها أرواحنا.6 أكتوبر هو يوم نستعد له من يوم من تدمير المدمرة إيلات أمام بورسعيد في واحدة من أعظم العمليات الفدائية الشجاعة لقاربي طوربيد أغرقا مدمرة عملاقة.6 أكتوبر هي نتاج طبيعي لحرب الاستنزاف العظيمة التي استمرت500 يوم وعرف خلالها الصهاينة أن الله حق حيث كانت العمليات الفدائية تلاحقهم من البر ومن البحر ومن الجو.. من عملية لسان التمساح التي انتقمنا فيها للشهيد عبدالمنعم رياض والانتقام الذي قامت به المجموعة39 قتال كان كعادتها رهيبا ومذهلا وأخذت فيه أرواح40 صهيونيا...6 أكتوبر محصلة خبرات قتالية عظيمة وملاحم شجاعة فذة للمقاتلين المصريين ولعشرات الأكمنة التي تم نصبها علي طول سيناء وعرضها وكلها خبرات وكلها فوائد وكلها ثقة بلا حدود تكبر عندنا ومعنويات تنهار عندهم.. وطبيعي أن ينهاروا عندما يصبح أي متر أرض في سيناء غير آمن.. عندما يفاجأون بأن الإغارات والأكمنة التي يتعرضون لها يوميا أصبحت من كل وحدات جيش مصر العسكرية ولم تعد قاصرة علي39 قتال التي صعدت وراءهم إلي جبل مريم ونفذت عملية جريئة رجعوا منها بأول أسير صهيوني وهو ضابط اصطادوه خلال دورية اعتيادية يومية للصهاينة...6 أكتوبر نتاج طبيعي للشهامة والشجاعة وحب الوطن.. وعندما كان الصهاينة يعربدون في سماء مصر ويضربون مدن القناة ويقتلون أطفالا ونساء ردت مصر بدرس استوعبوه جيدا وبطل واحد بمفرده هو الذي لقنهم الدرس والكلام هنا عن الأسطورة عصام الدالي الذي كلفه اللواء صادق مدير المخابرات بعملية يقوم بها من الأردن لضرب ميناء إيلات العسكري بثلاثة صواريخ..التعليمات له التوجه لمكتب المخابرات المصرية في الأردن وقائده المقدم إبراهيم الدخاخني.. والذي سوف يوفر له الصواريخ ويسلمها في موقع الضرب بالجبال المطلة علي ميناء العقبة!. عصام الدالي اتصل بفدائيين من فتح يتم تدريبهم في عمان بإشراف ضباط صاعقة مصريين.. المهم أنهم وفروا له ثلاثين صاروخا لأجل أن يقطع الذراع الطويلة للصهيونية التي ضربت أهدافا مدنية في مصر وقتلت أطفالا أبرياء وإن لم تردع سوف تستمر...الفدائي عصام الدالي تسلم الـ33 صاروخا في الموقع المحدد له مسبقا لضرب إيلات الميناء العسكري.. ومن الموقع نفذ ما عقد الأمر عليه أطلق الـ33 صاروخا علي إيلات المدينة ووفقا لاعترافاتهم في البيان الذي صدر عنهم اعترفوا بسقوط94 قتيلا و400 جريح والرقم الصحيح ضعف ذلك.. ونحن لم نبدأ بضرب المدنيين إنما هم الذين بدأوا.. وأبناؤنا ليسوا أقل من أبنائهم والعين بالعين والبادي أظلم!.6 أكتوبر نتاج طبيعي لحدوتة مصرية بحرية بالغة الشجاعة وأيضا رد وتأديبي علي عمليات الإبرار البحري التي كانت تقوم بها قطعتان من بحرية العدو ضدنا...الصاعقة البحرية رجال الضفادع البشرية نفذوا عمليتين ضد ميناء إيلات التجاري ثم ميناء إيلات الحربي وكل عملية منهما أسطورة شجاعة وبعدهما أغلقنا ملف العربدة البحرية للعدو بإغراق ناقلة جنوده وناقلة دباباته في ميناء إيلات...6 أكتوبر تكونت ملامحه وتحددت شخصيته بتدريب غاية في القسوة وبعمليات قتالية غاية في الجرأة وانتصارات علي العدو غاية في الروعة وكلها مجتمعة نحتت مقاتلين ليس لهم حل.. خلفهم خبرات هائلة اكتسبوها وأمامهم هدف هو النصر أو الاستشهاد...الأعمال القتالية التي ذكرتها مثال لا حصر.. لأن حرب الاستنزاف وحدها شهدت معارك كثيرة لكل أفرع القوات المسلحة.. كلها شاركت وكلها نجحت وانتصرت وكلها باتت تنتظر القرار.. قرار حرب أكتوبر وهو بكل المقاييس أحد أهم القرارات في تاريخ مصر...