السبت، 12 سبتمبر 2015

وقفات مع عشر ذى الحجة


بسم الله الرحمن الرحيم

تقرأ في هذا الملف
وقفات
موانع وحواجز
الاجتهاد في عشر ذي الحجة
مشروعات  لتجارة لن تبور
((مشروع وليمة لكل صلاة - مشروع الذكر - مشروع ختم القرآن - مشروع الصيام - مشروع الحج والعمرة - مشروع قناطير الفردوس - مشروع الأخوة في الله - مشروع صلة الأرحام - سرور تدخله على مسلم - مشروع الدعاء.. - مشروع عظيم جدا (يوم عرفة) - مشروع يوم العيد
هل أنتم متعرضون لنفحات رحمة الله ؟؟!!
بيوتنا وعشر ذي الحجة
أطفالنا وعشر ذي الحجة
******************

عشر ذي الحجة
أقبلت تعدو ... فاستعدوا ..

وبسمتها بين الثنايا تلوح، مبتهجة بذلك السعي وجميلة بتلك الروح،
اقتربت ...
محملة بصدق لا غش فيه، وبولاء لا خيانة بعده، وبحنين لا صخب فيه ولا اضطراب .
اقتربت ...
وهي لا تريد إلا من يحبها، ولا تبتغي إلا من يعمل لأجلها، ولا تطرب إلا لمن يشتري ودها
اقتربت ...
كضيف غالى جمع بين طول الغربة ومكانة المنزلة،
اقتربت .... 
فافتحي يا صدورنا أسوار ضلوعك، وارسمي يا أعيننا أنواع بهجتك، واشرعي يا ألسن الإيمان بحمد ربك .
اقتربت ...
بتهليل وتكبير، وتسبيح وتمجيد، وتبتل وخضوع، ودعاء ودموع، وعطاء متزايد في الأجور، ومغفرة ورحمة من رب غفور .
اقتربت ...
منا أيام شهر فضيل، فيا عباد الله ... ما هي الأيام وقشيب اللفظ لا يسعف، وجميل الفعل تهادي ليخبر ...
أقبلت عشر ذي الحجة تعدو ... فاستعدوا ...
أقبلت عشر ذي الحجة ومن أجلها لكم هذه الوقفات :-

الوقفة الأولى :
ما أجل نعمة الله علينا، وما أرحمه بنا، سبحانه وتعالى يوم أن جعل لنا مواسم لطاعته، وأوقات نتعرض لنفحاته فيها، يرفع الله لنا بها الدرجات، ويضاعف الحسنات ويكفر عن السيئات " َإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا " إبراهيم 34 .
والعبد المؤمن يتنقل بين تلك المواسم والأوقات وكله رجاء أن يقبل منه ربه ما قدم يوم أن جد وأجتهد وعلم وعمل وأخلص وأصدق، وهو على يقين أنه متى ما قدم ذلك فله الجنة قال تعالى "وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا " سورة النساء (124) .
وقال تعالى "وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا " طه(112).
ويندرج تحت هذه النعمة الربانية تجديد العهد بربه ذلك أن الإنسان تصيبه الغفلة وتؤثر فيه الفتن، ويسلبه الشيطان كل خير، فتأتي هذه المواسم فيئوب ويتوب ويرجع ويعود، بنفس مقبلة، ودمعة هاطلة، وتوبة صادقة، فلك الحمد يا ربنا على ما أنعمت به علينا ولك الحمد أولاً وأخراً ولك الحمد من قبل ومن بعد .

الوقفة الثانية : -
هذه العشر فرصة عظيمة في هذه الحياة، ومكسب وفير في هذه الدنيا، والمؤمن مطالب بأن يكون نهّازاً للفرص، حريصاً على اغتنامها وكسبها، جاداً في طلب ما تحمله من خير ونعمة، وهذه العشر قد تجلّى خيرها وفضلها في قول الحبيب عليه الصلاة والسلام: " ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام " يعني العشر .. قالوا يا رسول الله : ولا الجهاد في سبيل الله ؟ ... قال : " ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء " رواه البخاري .
وتعود هذه الأفضلية الرفيعة لما فيها من عبادات متنوعة وقرابين للرب مختلفة قال أبن حجر في الفتح :
" والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيها وهي الصلاة والصدقة والصيام والحج ولا يتأتى ذلك في غيره " أ . هـ كلام أبن حجر .
ويتجلّى فضل هذه الأيام أيضاً كونها أفضل أيام الدنيا فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أفضل أيام الدنيا أيام العشر " .
فهي دعوة لك أخي المؤمن بأن تستعد في الاستقبال وأن يرى الله منك تجاهها خير الحال، وأعلم بأنها أيام تذهب من عمرك سريعاً، وتأخذ منك كثيراً فالله الله في البدار، وخذ الكتاب بقوة، فإنك وإن عشتها هذا العام، قد لا تكون ممن يعيشها في العام القادم .

الوقفة الثالثة :-
اجعل من هذه العشر يا عبد الله منعطف خير في حياتك، ونظر إلى ما تقدمه لله الآن وكيف أنت عند نهايتها،
من المهم جداً أن تكون أقرب إلى الله عند نهايتها منك عند بدايتها، ويلزم أن يظهر على وجهك وعلى عملك وعلى قلبك تأثرك بها، وإلا فما الفائدة إذاً أن تمر عليك هذه العشر الفضليات ولا تصنع منك رجل عابد منيباً خاشعاً لله تعالى .
ولا بد أيضاً أن تتفاعل معها تفاعلاً إيجابياً وذلك بتغيير نمط حياتك السلبي، أو مضاعفة ما كنت تفعله من عبادات صالحة، أو أن تكسر روتين حياتك المعتاد بما يصلح من القول العمل . قال تعالى "وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ"الحجر(99) .

الوقفة الرابعة : -
فما دمنا مقدمين على استقبال هذه العشر المباركات، فإنه الكثير منا يجهل كيفية هذا الاستقبال، وإيضاح لهذا الاشكال فأقول على المؤمن أن يخطط ويعمل على استقبال كل دقيقة في أفضل أيام الدنيا، وعليه أيضاً أن يعد البرامج ويرسم الجداول التي تعينه على ذلك الاستثمار الإيماني الرائع، فالعشر ميدان للأعمال الصالحات بدون استثناء.

الوقفة الخامسة : -
خصائص عشرة ذي الحجة : - لهذه الأيام العشر خصائص أذكر منها :-
1- إن الله سبحانه وتعالى أقسم بها في كتابه الكريم قال تعالى : وَالْفَجْرِ{1} وَلَيَالٍ عَشْرٍ{2} الفجر (1- 2 )، ولا شك أن قسم الله تعالى بها يبين شرفها وفضلها، وجمهور المفسرين على أنها في الآيات عشر ذي الحجة وقال أبن كثير رحمه الله وهو الصحيح .
2- أن الله سبحانه وتعالى سماها في كتابه " الأيام المعلومات " وشرع فيها ذكرى على الخصوص قال تعالى " َويَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ... " الحج(28) وقد ذكر بعض المفسرين أن الأيام المعلومات هي العشر الأولى من ذي الحجة .
3- أن الأعمال الصالحة فيها أحب إلى الله تعالى فيها من غيرها عن أبن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشرة فأكثروا فيهن من التكبير والتهليل والتحميد " رواه أحمد .
4- أن فيها يوم ( التروية ) وهو اليوم الثامن منها والذي تبدأ فيه أعمال الحج .
5- إن فيها يوم ( عرفة )، وهو يوم عظيم ويعد من مفاخر الإسلام، وله فضائل عظيمة، لأنه يوم مغفرة الذنوب والتجاوز عنها، ويوم العتق من النار، ويوم المباهاة، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من يوم أكثر من أن يعتق الله عز وجل فيه عبداً من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة ...الحديث رواه مسلم .
6- أن فيه ( ليلة جمع ) وهي ليلة مزدلفة التي يبيت فيها الحاج ليلة العاشر من ذي الحجة بعد دفعهم من عرفة .
7- أن فيها فريضة الحج وهو الركن الخامس من أركان الإسلام .
8- أن فيها ( يم النحر ) وهو اليوم العاشر من ذي الحجة الذي يعد أعظم أيام الدنيا كما روي عن عبد الله أبن قرط عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى يوم النحر، ثم القر" رواه أبو داود .
9- أن الله جعلها ميقاتاً للتقرب إليه سبحانه بذبح القرابين كسوق الهدي الخاص بالحاج، وكالأضاحي التي يشترك فيها الحاج مع غيره من المسلمين .
10- أنها أفضل من الأيام العشر الأخيرة من رمضان لما أورده شيخ الإسلام أبن تيميه رحمه الله فقد سئل عن ذي الحجة والعشر الأواخر من رمضان أيهما أفضل ؟؟
فأجاب " أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة " أ. هـ كلامه رحمه الله .
الوقفة السادسة :-
هناك من الأعمال المستحب فعلها في هذه العشر، ويجب التنبيه عليها ومنها :-
1- ضرورة التوبة إلى الله تعالى والرجوع إليه، والإقلاع عن الذنوب والمعاصي، والإقبال على فعل الصالحات .
2- أداء الصلوات الخمس في أوقاتها فهي من أجل الأعمال وأعظمها وأكثرها فضلاً، وعلى المؤمن أن يحافظ عليها جماعة مع المسلمين، وأن يكثر من النوافل في هذه العشر فإنها من أفضل القربات .
3- الصيام سواء صيام تسع ذي الحجة جميعها أو بعضها وبالأخص يوم عرفة، روى مسلم عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده " وعن حفصة قالت : أربع لم يكن يدعهن النبي صلى الله عليه وسلم صيام يوم عاشوراء، والعشر، وثلاث من كل شهر وركعتين قبل الغداة " رواه أحمد والنسائي .
4- العمرة والحج هما أفضل ما يعمل في عشر ذي الحجة .
5- التكبير والتحميد والتهليل والذكر قال تعالى : " َويَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ... " الحج(28)
ويجهر به الرجال، وتسر به النساء .
والتكبير نوعان .
أ‌- المطلق وهو المشروع في كل وقت من ليل أو نهار، ويبدأ من أول شهر ذي الحجة ويستمر إلى آخر أيام التشريق .
ب‌- المقيد وهو الذي يكون عقب الصلوات والمختار أنه عقب كل صلاة أياً كانت ويبدأ من صبح عرفة إلى صلاة عصر أخر أيام التشريق وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة
وقد أستحب العلماء كثرة الذكر في العشر لحديث أبن عمر رضي الله عنهما عن أحمد رحمه الله وفيه " فأكثروا فيهنّ من التهليل والتكبير والتحميد "، وذكر البخاري رحمه الله عن أبن عمر وعن أبي هريرة رضي الله عنهم أنهما كانا يخرجان إلى السوق في العشر فيكبرون فيكبروا الناس بتكبيرهم .

الوقفة السابعة : -
وهي رسالة أوجهها لمن أراد فريضة الحج وهو عازم أيضاً هذا العام على تأخيرها مع استطاعته وقدرته البدنية والمالية وأقول له:
إلى متى التسويف والتأجيل ؟
إلى متى وأنت بين اغترارك بالدنيا وبين طول الأمل ؟
ألا ترى ملك الموت يقتلع أرواح من بجانبك من اهلك وصحبك ؟
أتضمن العيش إلى عامك القادم وأنت صحيح معافى وذو جدة ؟
احذر يا أخي أن تؤخر الحج، والله والله في العزم من الآن على أن تكون من حجاج بيت الله الحرام من هذا العام .
***************
موانع وحواجز
ومع علو شأن هذه العشر ومكانتها السامقة في الشرع المطهر، وعظمة ثواب العمل الصالح فيها ، و أنه أكثر ثواباً من وقوعه في غيره من الأيام ، ومع ذا نرى ضعفاً عند جمهور المسلمين ، وتكاسلاً عن العمل الصالح ، وانصرافاً عن الجد والاجتهاد ، وتباطئاً عن الاندفاع له ، ولاشك أن لهذا أسباباً سنذكر بعضها في هذا المقال ، حتى نبتعد عنها ، ونغتنم هذا الموسم أعظم اغتنام ، فمن هذه الأسباب :
الذنوب والمعاصي
فكم حرمت الذنوب من طاعة ، وكم حالت بين العبد وبين قربة ، أليس كثير من المسلمين قد عرفوا فضلها، وتبينت لهم مكانتها فلٍما هذا التكاسل عن العمل الصالح ؟
إن الجواب معروف : وهو الذنوب والمعاصي الحائل بين العبد وبين رحمة الله (ومن رحمته التوفيق للعمل الصالح )
وقد نزلت بك عشر مباركة ، فجدد التوبة فيها للتأهل لطاعة الله تعالى ، واعلم أن للذنوب أثر كبير في الحرمان ،
جاء رجل إلى الحسن البصري رحمه الله ، وقال له يا أبا سعيد : أجهز طهوري لقيام الليل فلا أقوم ! فقال له الحسن : قيدتك ذنوبك .
فالذنوب سبب لكل حرمان من الطاعة فالحذر الحذر منها ، وتأمل في حال المستقيمين على الطاعة ، كيف أنهم بين صوم وصلاة وذكر ودعاء ، وأنت محروم من هذا الخير ، ولو فتشت لعلمت أنما أُتيت من قٍبل نفسك ، فجدد التوبة اليوم وانظر إلى الأثر العظيم لها .
الجهل بفضل الموسم
مع انتشار الخير ووصوله لأصقاع الدنيا ، بفضل الله بما سخر من وسائل الإعلام إلا أنه تبقى طائفة من المسلمين في جهل كبير عن فضل هذه الموسم ، أو أنهم لم يعرفوا قدر هذا الموسم حق المعرفة ، فلذا حصل التفريط منهم ، وهنا يأتي واجب الدعاة إلى الله في مساجدهم عن طريق الخطب والدروس والمحاضرات للتنويه بفضل هذا الموسم وعظيم مكانته عند الله تعالى حتى تندفع النفوس لفعل الخير في هذا الموسم المبارك (ومن دل على هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه)
طول الأمل
إن من أعظم الأمور المهلكة للمرء طول الأمل ، واستبعاد الموت ، مما يجعل الإنسان يسوّف في العمل الصالح ، ولا يسارع إليه ، ويظن أنه بإمكانه التعويض فيهلك أيما هلاك ، ويفرط في مواسم الخير ، ولو نظر نظرة إنصاف وعدل لوجد أن الأمر أسرع من كل شئ ،
قال عون بن عبد لله رحمه الله: ( كم من مستقبل يوماً لا يستكمله ! ومنتظر غداً لا يبلغه، لو تنظرون إلى الأجل ومسيره، لأبغضتم الأمل وغروره)
وإذا تأملت في سيرة السلف العطرة وجدت عندهم من قصر الأمل ما يجعلهم يبادرون الأوقات كلها في الطاعة ، فضلاً عن مواسم الخير قال معروف لرجل صلّ بنا الظّهر ، فقال :إن صليت بكم الظهر لم أصلّ بكم العصر ، فقال: وكأنك تؤمل أن تعيش إلى العصر، نعوذ بالله من طول الأمل .
هذا سعيد بن جبير كان إذا دخلت عليه العشر لا يكاد يُقدر عليه من شدة اجتهاده واغتنامه لها .
تذكر ياصاحب الأمل الطويل أن أمر حياتك وموتك ليس بيدك وإنما هو بيد الله تعالى ، وكم تعرف ممن كان يعيش في صحة وعافية خطفه الموت على حين غٍره ، فاحمد الله أن بلغت هذا الموسم ، وجد واجتهد في العمل الصالح
ومن الأسباب أيضاً :
ندرة المعين
إنه مع وجود الخير في المجتمع ، وكثرة الطائعين من أتباع هذا الدين العظيم ، إلا أن الانصراف عن الطاعة في هذا الموسم هو السمة البارزة لجمهور المسلمين ، وللإجماع أثره في فعل الطاعة ولذا جاءت نصوص الشرع بالأمر بالجماعة لكثير من لطاعات مما يكون سبباً لتسهيلها ، ولذا من النصح في البيوت وللأهل التعاون على الطاعة ، ومن النصح للمسلمين المعاونة على الطاعة ونشر الخير بينهم ، تأمل في حال من سبق وكيف كانوا يتعاونون على الطاعة .
عن أبي عثمان النهدي قال تضيفت أبا هريرة سبعا فكان هو وامرأته وخادمه يعتقبون الليل أثلاثا يصلي هذا ثم يوقظ هذا ويصلي هذا ثم يوقظ هذا ( سير أعلام النبلاء 2/609 )
وكان الحسن بن صالح وأخوه عليّ وأمهما يتعاونون على العبادة بالليل وبالنهار قياما وصياما فلما ماتت أمهما تعاونا على القيام والصيام عنهما وعن أمهما فلما مات علي قام الحسن عن نفسه وعنهما وكان يقال للحسن حية الوادي يعني لا ينام بالليل .
( أنظر حلية الأولياء 7/ 328)
فاجتمع أنت وأهل بيتك على الطاعة ، وان سمت همتك فكن عوناً لأهل حيك لتعينهم على الطاعة هذا الموسم المبارك .
ومن الأسباب
كثرة الفتن والصوارف :
كم تصرف الفتن المسلمين هذه الأيام عن اغتنام مواسم الخير ، ولعلي أن أذكر أشدها سبباً في صرفهم وهي ( وسائل الإعلام ) بجميع قنواتها ، فلذا يجب على العاقل أن يكون ناصحاً لنفسه وأن يحذر من خطرها وشرها عليه ، خصوصاً في هذا الموسم ، اترك كثيراً من مباحاتها اليوم للتفرغ للطاعة والقربة ، فهي أيام قليلة يُوشك أن تنقضي
***************

الاجتهاد في العشر ذي الحجة
شرع الله عز وجل ئعباده مواسما للخيرات وأوقاتا فاضلات لكي يتعرض العبد لنفحات ربه ويرفع درجاته ويحط سيئاته ويكثر من حسناته ويجدد العهد بربه وذلك أن الانسان تصيبه الغفلة في كثير من أوقات السنة فلما كان هذا حال الإنسان شرع له هذه المواسم لتطرد عنه هذه الغفلة وتقوي صلته بربه.
وإن من هذه الأوقات الفاضلة التي شرعها الله وميزها على سائر الأوقات العشر الأوائل من ذي الحجة التي دل الشرع على أنها أفضل أيام السنة.
فيستحب للمسلم في هذه العشر الإكثار من الأعمال الصالحة بجميع أجناسها وأنواعها لأن العمل الصالح يتفاضل ويكثر ثوابه ويقوى أثره في صلاح العامل في الزمن الذي خصه الله بمزيد من الفضل.
قال مجاهد: (العمل في العشر يضاعف).
وقال ابن رجب: (وإذا كان العمل في أيام العشر أفضل وأحب إلى الله من العمل في غيره من أيا السنة كلها صار العمل فيه وإن كان مفضولا أفضل من العمل في غيره وإن كان فاضلا).
وهذا بيان لتلكم الأعمال:
(1) فمن ذلك أن يعتني عناية فائقة بأداء الصلوات المفروضات على أكمل وجه من التبكير لها وإتمام ركوعها وسجودها وتحقيق خشوعها وإحسان الوقوف بين يدي الله عز وجل فإن الصلاة من أعظم الأعمال البدنية التي عظم الشارع شأنها ففي الصحيحين: (أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي العمل أحب إلى الله تعالى قال الصلاة على وقتها).
(2) ومن ذلك الحرص الشديد على فعل النوافل والتطوعات فينبغي للمسلم أن يكثر من الركعات والسجدات وأن يتقرب إلى الله بصلاة الضحى والسنن الرواتب وصلاة الوتر وقيام الليل والتطوع المطلق. وقد كان سعيد بن المسيب يجتهد في هذه العشر اجتهادا حتى ما يكاد يقدر عليه ويقول: (لا تطفئوا سرجكم ليالي العشر).
(3) ومن ذلك أن يصوم المسلم ما تيسر له من النفل في هذه العشر فإن كان يستطيع صوم أكثر هذه الأيام فحسن وإن كان يشق عليه ذلك أو يفوت عليه مصلحة أو يخل بواجب فإنه يصوم يوما أو أكثر وآكدها صوم يوم عرفة لغير الحاج فقد روي فيه ثواب عظيم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده). رواه مسلم.
وقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم هذه العشر كما في حديث حفصة عند أهل السنن ولكن هذا الخبر لا يصح في هذا وقد نفت عائشة رضي الله عنها صومه للعشر ومع أنه لم يرد دليل خاص يدل على فضل الصوم بخصوصه في العشر إلا أن الصوم من أفضل جنس الأعمال لأن الله اصطفاه لنفسه فهو داخل في عموم حديث ابن عباس دخولا ظاهرا
قال ابن رجب: (وقد دل حديث ابن عباس على مضاعفة جميع الأعمال الصالحة في العشر من غير استثناء شيء منها).
فلا شك في فضله والترغيب فيه لكنه ليس في منزلة الصوم الواجب ولا الصوم المتأكد كصوم ست من شوال وغيرها مما نص الشارع على استحبابه فلا ينبغي التشديد فيه..
(4) ومن ذلك يشرع للمسلم الإكثار من ذكر الله تعالى من التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير لقوله صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد) رواه أحمد.
(5) ومن ذلك يستحب أيضا أن يكثر من التكبير المطلق في هذه العشر لقوله تعالى: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ).
وصيغة التكبير الواردة عن التابعين: (الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد).
فيكبر سائر الأوقات في بيته وسوقه وعمله وطريقه وكل موضع إلا ما يكره ذكر الله فيه.
قال البخاري: (كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما).
والسنة الجهر بذلك وينبغي للمسلم إظهار هذه الشعيرة والاعتزاز بدينه ولا يخجل من الناس أو يخشى انتقادهم في إظهار هذه العبادة.
(6) ومن ذلك يستحب له أن يكثر من تلاوة كتاب الله ما استطاع إلى ذلك سبيلا فإن تيسر له ختمه فهذا فعل حسن.
وقد ورد فضل عظيم في تلاوة القرآن وتدبره والوقوف على معانيه.
(7) ومن ذلك تستحب الصدقة والبذل والإحسان لأنه من المقرر في دلائل الشرع وكلام العلماء أن الصدقة تكون فاضلة في الزمان الفاضل والمكان الفاضل.
فينبغي له أن يتعاهد الفقراء والمساكين بالصدقة وبذل المعروف للناس ويسعى في قضاء حوائجهم في هذه العشر الفاضلة وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم كثير البر والإحسان في الأزمان الفاضلة وكان السلف الصالح يتحرون البذل في هذه العشر (كان حكيم بن حزام يقف بعرفة ومعه مئة بدنة مقلدة ومئة رقبة فيعتق رقيقه فيضج الناس بالبكاء والدعاء يقولون: ربنا هذا عبدك قد أعتق عبيده ونحن عبيدك فأعتقنا).
(8) ومن أعظم الأعمال في هذه العشر حج بيت الله الحرام وقصد بيته لأداء المناسك لمن تيسر له.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة). متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه). متفق عليه.
فإن لم يتيسر له حج التطوع لشغل أو بر أم أو تمريض قريب أو قيام بمصالح العيال وكان واجدا للمال فيستحب له أن يتكفل بنفقة الحج لمن لم يسبق له أداء الفرض فيتبرع له فإنه يرجى له ثواب الحج كاملا مثل ثواب العامل.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا). متفق عليه.
(9) ومن أجل الأعمال في هذه العشر التي يظهر فيها التذلل وتعظيم الرب ذبح الأضحية تقربا لله وهو سنة مؤكدة على الصحيح من مذاهب الفقهاء... وقد ثبت في الصحيحين: (أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبّر ووضع رجله على صفاحهما).
فينبغي على المسلم القادر في ماله أن لا يفرط في هذه الشعيرة العظيمة متى ما كان الأمر متيسرا له لأنها سنة أبينا إبراهيم عليه الصلاة والسلام وواظب عليها نبينا محمد اتباعا له وحض عليها وشدد في تركها.
(10) ومن أوكد الأعمال في هذه العشر وغيرها التوبة والإنابة إلى الله والإكثار من الاستغفار والتخلص من الذنوب الدائمة والعادات القبيحة. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ).
وليحذر من الإصرار على الكبائر قال ابن رجب: (احذروا المعاصي فإنها تحرم المغفرة في مواسم الرحمة).
إن هذه العشر الفاضلة فرصة عظيمة لتغيير حياة المسلم إلى الأفضل ونقله من حالة الغفلة والتقصير والجفاء إلى حالة الذكر والمسابقة والعطاء.
فينبغي للمسلم أن يستصلح قلبه ويزكي نفسه بهذه الأعمال وأن يستحضر صدق النية والاحتساب والتذلل والافتقار لله ويحذر العجب والمنة ولا يكون همه سرعة انقضاء العمل وإنما التدبر والاهتمام بصلاح العمل والانتفاع به.

الموسم العظيم!
في يوم عظيم في حياة الإسلام؛ تنهمر العبرات، وتعمّ النفحات؛ ويتطلع القاصي والداني إلى رحمة المولى الجليل؛ فجموع الحجيج في المشاعر المقدسة يبسطون أيديهم لمولاهم، في ملابس تشبه الأكفان، متجردين من كل متاع الدنيا، في موكب مهيب يتوجه إلى ملك الملوك رغباً ورهباً، وخوفاً وطمعاً.
وفي شتى بقاع الأرض يعيش سائر المسلمين نفحات اليوم المبارك.. يرجون مثل ما يرجو الحجيج؛ فإن فاتتكم الأماكن الفاضلة فالزمان الفاضل بين أيديكم!
يوم غير الأيام!!
شعاره في بيوت الأمة الصيام؛ تقرباً إلى الله تعالى، وطمعا في الأجر العظيم؛ إيماناً واحتساباً لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: "صيام يوم عرفات أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده" (رواه مسلم).
وحال أهل البيت فيه الذكر والدعاء؛ رجاء رحمة البر الرحيم {إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ}. فلا تكن فيه وأهل بيتك من المغبونين؛ واجعلوا من يوم عرفة يوماً غير سائر الأيام!

تربية على الهواء مباشرة!
أنعم بها من تربية! اغتنام مواسم الخيرات لبث الهدى ومخاطبة الأفئدة.. فليجعل الوالدان من الصيام واغتنام النفحات، ومشاهد الوحدة والزهد والتضرع على قسمات الحجيج في المشاعر المقدسة، وإقامة ذكر الله تعالى.. ليجعلا من كل ذلك دروساً حية للصغار؛ توصل إليهم كثيرا من المعاني التي تلقوها نظرياً.. فها هي الفرصة لتلقيها حية على الهواء مباشرة!

************
مشروعات
 لتجارة لن تبور
أولا:- مشروع وليمة لكل صلاة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “ من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له نُزُلا في الجنة كلما غدا أو راح “ ، والنُزُل هو الوليمة التي تعد للضيف ..
تعال معي .. أعطيك مشروع الوليمة :
أن تخرج من بيتك قبل الأذان بعشر دقائق فقط بعد أن تتوضأ في بيتك .. ثم تخرج إلى المسجد ..
وفى طريقك تواظب على التسبيح والتحميد والتهليل و التكبير...
ثم تردد الأذان في المسجد ، ثم تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، والدعاء له صلى الله عليه وسلم بالوسيلة والفضيلة ، ثم صلاة السنة القبلية بسكينة وحضور قلب ثم جلست تدعو الله لأن الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة .
وقمة الاخلاص لو اصطفاك ربك واجتباك ودمعت عيناك ودعوت فى سجودك( لانه من مواضع اجابة الدعاء) ثم صليت في الصف الأول علي يمين الإمام وقرت عينك بتلك الصلاة فجلست قرير العين تستغفر الله وتشكره وتذكره ، ثم صليت السنة البعدية بعد أن قلت أذكار الصلاة ،
إذا فعلت ذلك :
فإليك الثمرات:
ثواب تساقط ذنوبك أثناء الوضوء .
كل خطوة للمسجد ترفع درجة وتحط خطيئة .
ثواب (معية الله) وذلك بالذكر اثناء ذهابك للمسجد (اذكرونى اذكركم) ثواب ترديد الأذان مغفرة للذنوب .
ثواب الدعاء للرسول صلى الله عليه وسلم نوال شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم .
ثواب صلاة السنة القبلية .
ثواب انتظار الصلاة فكأنك في صلاة .
ثواب الدعاء بين الأذان والإقامة وفى السجود .
ثواب تكبيرة الإحرام ، صلاة الجماعة ، الصف الأول ، ميمنة الصف .
ثواب أذكار الصلاة ، والسنة البعدية ، وثواب المكث في المسجد ، و..... و...... .
بالله عليكم .. أليست وليمة ؟!!.. بالله عليكم من يضيعها وهو يستطيعها .. ماذا تسمونه ؟!
ثانيا:- مشروع الذكر
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “ ما من أيام أعظم عند الله ، ولا أحب إلى الله العمل فيهن من أيام العشر ، فأكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير “ ..
فأعظم كلمات الذكر عموما في هذه الأيام : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، وهن الباقيات الصالحات ، وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لكل كلمة منها شجرة في الجنة ، وأن ثواب كل كلمة منها عند الله كجبل أحد ..
وإنني أعتقد أيها الأحبة أنه كما أن رمضان دورة تربوية مكثفة في القرآن ، فالعشر الأوائل دورة تربوية مكثفة في الذكر ..
وتقول لي : ومتى أقول هذه الكلمات ؟؟
أقول لك : عود نفسك .. عود نفسك .. عود نفسك ..
أثناء سيرك في الطريق لأي مشوار ...اثناء قيادتك لسيارتك.. اثناء وقت فراغك.. وفى فترات الانتظار وأنت مستلق على السرير قبل النوم .
أثناء الكلام اقطع كلامك واذكرها ، وأثناء الأكل .
أن تذهب للمسجد مبكرا وتنهمك في هذا الذكر حتى تقام الصلاة ... يعنى فى اى وقت ..
إذا التزمت وتعودت ما قلته لك لن تقل يوميا غالبا على حسب ظني ذكرك عن ألف مرة ، مما يعني 4000 شجرة في الجنة يوميا ، هل تعلم أنك لو واظبت على هذا في الأيام العشرة كلها كيف ستكون حديقتك في الجنة ؟؟
هل تتخيل 100 ألف هكتار في الجنة تملكها في عشرة أيام !! أليست هذه فرصة المغبون من يضيعها ؟!!
هل تريد المزيد قال صلى الله عليه وسلم {من قال سبحان الله وبحمده في اليوم مائة مرة حطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر} رواه البخاري
فلو نظرنا أخي الحبيب ... أختي الفاضلة ... كما تأخذ منا هذه الأذكار من وقت
فمثلاً سبحان الله وبحمده لو قلناها مرة واحده تأخذ منا 3ثوان .. لو كررناها 100 مرة تأخذ (300 ثانية ) أي خمس دقائق تحيل حياتنا من حال لأخر ...
تمسح خطايانا ولو كانت مثل زبد البحر ( وهو ما طفى على سطح الماء )...
ثالثا:- مشروع ختم القرآن
{ وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً} [الإسراء :82] ..
وفي الحديث الشريف قال النبي صلى الله عليه وسلم { أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم ،أو يقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين وثلاث خير له من ثلاث ،وأربع خير له من أربع ، ومن أعدادهن من الأبل} رواه مسلم 1/ 553 ...
فكم سيكون نصيبك من ذلك ...
وقال صلى الله عليه وسلم : “ من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول آلم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف “ ..
لابد من ختمة كاملة في هذه العشر على الأقل .. بدون تردد احزم الامر وأنت تتلو القرآن .. أنزل آيات القرآن على قلبك دواء ..
ابحث عن دواء لقلبك في القرآن .. فتأمل كل آية .. وتأمل كل كلمة .. وتأمل كل حرف ..
ولكي تختم القرآن في هذه العشرة أيام عليك أن تقرأ ثلاثة أجزاء يوميًا .. ولكي تتحفز أبشرك :
أن ثلاثة أجزاء على حساب الحرف بعشرة حسنات تعادل نصف مليون حسنة يوميًا ..
هيا انطلق .. نصف مليون حسنة مكسب يومي صافي من القرآن فقط ..
ثم مفاجأة أخرى أنه في هذه الأيام المباركة تضاعف الحسنات ..
قرآن .. وملايين .. هيا .. هيا ..
رابعا :- مشروع الصيام
عن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر أول اثنين من الشهر والخميس ) ... ( صحيح أبي داود 2129)
فصم هذه التسعة كلها اياك أن تضيع منها يوما واحدا ..
وإن ثبطك البطالون وقالوا لك : الحديث ضعيف فالحديث العام : “ من صام يوما في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا “ ،
ومع فضيلة هذه الأيام ، على كل حال .. أنت الرابح!!
خامسا:- مشروع الحج والعمرة
وفر 4 الاف دينار واكسب 4الاف حسنة..
بل أكثر مما طلعت عليه الشمس ..
من خلال المكث في المسجد بعد صلاة الفجر حتى الشروق ثم صلاة ركعتين ،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “ من صلى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة “ .
وفي هذه الجلسة :
* تلاوة قرآن
* أذكار الصباح
* تجديد التوبة
* الدعاء في خفاء
* العفو عن أصحاب المظالم لديك
* طلب العفو من الله
* عبادات جديدة
سادسا:- مشروع قناطير الفردوس
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “ من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين ومن قام بمائة آية كتب من القانتين ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين “ ..
فإذا قمت الليل بألف آية فلك في كل ليلة قناطير جديدة من الجنة ، وإذا كنت من العاجزين وقمت بمائة آية كتبت من القانتين .
سابعا:- مشروع الأخوة في الله
قال النبي صلى الله عليه وسلم “ إن من عباد الله لأناسا ما هم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله تعالى“ ... قالوا : يارسول الله تخبرنا من هم ؟ ... قال “ هم قوم تحابوا بروح الله على غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونها فو الله إن وجوههم لنور وإنهم على نور لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس وقرأ هذه الآية { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون } “ .
فأقترح عليك على الأقل مرة واحدة في الأيام العشر تدعو فيها أصحابك للإفطار عندك ، وقبل المغرب بنصف ساعة الذكر والدعاء ، وبعد الإفطار نصف ساعة التذكير والاستماع للقرآن أو مشاهدة اسطوانة تذكر بالله ، ثم تهدي إليهم إذا استطعت ما عندك من كتب وشرائط ، واكسب :
ثواب تفطير صائم .
ثواب الدعوة إلى الله .
ثواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
ثواب الإعانة على خير .
ثواب التثبيت للمترددين .
ثامنا: - مشروع صلة الأرحام
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “ يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام “ ، وقال صلى الله عليه وسلم : “ الرحم معلقة بالعرش تقول : من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله “ فاحرص على :
كل يوم نصف ساعة على الأقل أو ما تيسر من الوقت أي عمل تبر به والديك .
زيارة لأحد الأقارب .
أبسط إكرام للجيران .
واليك هذه النصيحة الذهبية.. قبل يد وراس والدك ووالدتك كل يوم واطلب منهم الدعاء لك بالتوفيق والسداد ..
وحاول ان تعوض تقصيرك فى الايام الخوالى فهذه فرصتك!!! ..
تاسعا: سرور تدخله على مسلم.
ابحث عن المحتاجين الفقراء مد لهم يد العون حث غيرك وتعاون معهم على تجميع الملابس.. ابذل المعروف.. ادخل على قلوبهم السرور ليكن ذلك رفعة لك فى الدنيا واجر لاحدود له فى الاخرة ...
تصدق .. تصدق تصدق.. فإن الإنسان إذا تصدق لوجه الله تعالى، فإن الله سبحانه يجيب دعوته، ويزيل ما به من البلاء.
فعن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب وصلة الرحم تزيد من العمر)( رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن).
وعن رافع بن مكيث ـ بوزن عظيم ـ رضي الله عنه ـ كان ممكن شهد الحديبية ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (حسن الملكة نماء، وسوء الخلق شؤم، والبر زيادة في العمر، والصدقة تطفيء الخطيئة، وتقي ميتة السوء).
وعن عمرو بن عوف ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن صدقة المسلم تزيد في العمر، وتمنع ميتة سوء، ويذهب الله بها الكبر والفخر) ... (الترغيب والترهيب).
وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الصدقة لتطفيء غضب الرب، وتدفع ميتة السوء)
وفي حديث معاذ ـ رضي الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار)
(مشكاة المصابيح للألباني).
فهذه الأحاديث الكريمة وغيرها تبين أن الصدقة تبعد عن الإنسان غضب الله تعالى، فإذا زال الغضب حلت رحمة الله تعالى بالعبد، وإذا كانت الصدقة تطفئ الخطيئة، وتزيلها من صحيفة العبد، فلا يبقى الإ طاعته وعبادته، فيرحمه الله تعالى، ويزيل عنه برحمته وكرمة وفضله ما حل بالإنسان من مرض، أو بلاء، أو مشقة، فالصدقة باب لذلك وسبب له...
وفى هذه الايام المباركة يزداد الاجر ويعظم فلا تنس إدخال البهجة على أسرة فقيرة تذهب إليها قبل العيد: نقود ، لحوم ، ملابس .
حاول تحقيق وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن فعل في اليوم الواحد : صيام ، اتباع جنازة ، عيادة مريض ، صدقة ، تفتح لك أبواب الجنة جميعها .
عاشرا: مشروع الدعاء..
وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ "
مع كل ذلك لاننس الدعاء... نعم الدعاء فهى من اعظم العبادات فاحرص على طلب العون من الله باللجوء اليه والدعاء ان يوفقك فى حياتك ويعينك فى ايامك القادمة ويغفر لك ذنوبك ويعطيك من فضله وكرمه...
واعلم ان من افضل الاوقات لاجابة الدعاء كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام عند السجود فى الصلاة .. ومابين الاذان والاقامة .. واخر ساعة من عصر يوم الجمعة (ماقبل اذان المغرب ) وعند نزول المطر... وفى وقت السحر اى ماقبل اذان الفجر بساعة....
فاجتهد فى الدعاء فى كل وقت وفى تلك الاوقات خاصة اخى الحبيب اختى الفاضلة...
مارايك بكل هذه المشاريع العظيمة الا تعتقد اننا مقصرين جدا فى كسب تلك الفوائد ...
هل اكتفيت ام تريد المزيد ...
يبدو انك تريد المزيد فخذ اذن ...
مشروع عظيم جدا (يوم عرفة)
• مشروع يوم عرفة (التاسع من ذى الحجة)
أولا : أيها الأخ الحبيب .. هل تدرك خطورة هذا اليوم ؟،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “ صيام يوم عرفة إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده “ .
إذن احسبها معي : صيام 12 ساعة = مغفرة 24 شهر
حبيبي .. احسبها معي مرة أخرى: اليوم 24 ساعة ، إذن كل ساعة في اليوم = مغفرة شهر يعني كل 60 دقيقة = 60 يوم
إذن : كل دقيقة = يوم فهل هناك عاقل يضيع دقيقة واحدة في هذا اليوم ،
ماذا ستفعل ؟؟
الذهاب إلى المسجد قبل الفجر بنصف ساعة والابتهال إلى الله أن يوفقك في هذا اليوم ويعصمك.
نية الصيام .
نية الاعتكاف فلا تخرج من المسجد أبدا إلا عند الغروب .
الاجتهاد في الدعاء والذكر .
لا ننسى قول الرسول صلي الله عليه وسلم" إن للصائم عند فطره دعوة لا ترد " فلندعو لوالدينا وأخواتنا وإخواننا المسلمين بالمغفرة والخير والصلاح وللمجاهدين بالنصر والعزة وللمتضررين والمستضعفين بالفرج ولموتانا بالمغفرة ودخول الجنان
ولندعوا لأنفسنا بخير الدعاء
( أللهم أغفر لي ما قدمت وما أخرت ، اللهم أتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة و قنا عذاب النار ، اللهم أسألك العفو و العافية في الدنيا و الآخرة)
ولاتنس فى دعائك اخوتك فى غزة.. فاجعل لهم نصيب فى دعائك ان يرفع الله عنهم الحصار وتذكر انهم انما يدافعون عنى وعنك وعن اختى وامك ووالدى وعمتك انهم سد فى وجوه االصهاينة المعتدين .. فاسألك بالله ان تدعوا لهم بقلب محترق ونفس لحوحة فالدعاء سلاحنا ... ادع وانت موقن بالاجابة.. واعلم انك ستقف يوم القيامة ليسائلك الله ماذا فعلت لتنصر اخوتك ؟؟...
فالدعاء الدعاء الدعاء ... والتمس مواطن الاجابة .. ولاتنسانا  ايضا من دعائك اخى الكريم اختى الفاضلة....
مشروع يوم العيد
اعلم أن يوم العيد هو أفضل أيام السنة على الإطلاق، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: “ أفضل الأيام عند الله يوم النحر ويوم القر“ ،
خطتك :
ابدأ بصلاة العيد وكن بشوشا سعيدا في وجوه المسلمين .
صلة الرحم : الوالدين ، الأفارب ، الأصحاب .
الأضحية ..اذا كانت ظروفك لاتسمح بها لانها غالية الثمن ، اشترك أنت وأصحابك في ذبح شاة حسب الإمكانيات المادية .
اخيرا ...
• لا تنس هذه الفرصة الذهبية
بناء بيت في الجنة كل يوم إن صليت 12 ركعة من النوافل فقط ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “ ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعا غير فريضة إلا بني الله له بيتا في الجنة “ ،
وفي 10 أيام = عشرة بيوت في الجنة .
اقرأ سورة الإخلاص 10 مرات كل يوم يبني الله لك قصرا في الجنة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ من قرأ قل هو الله أحد عشر مرات بني له بها قصر في الجنة “ ، فنكون قد أعددنا لك الحديقة ، وبنينا لك الفيلات ..
اخى الحبيب اختى الكريمة
فلنجعل من هذه الأيام العشر من ذي الحجة أيام طاعة وعبادة ولنحرص علىالاخلاص فى العمل الصالح بكافة فروعه ..
قال تعالى ( انا لانضيع اجرمن احسن عملا ) .. [سورة : الكهف : 30]

واجعل اخى الغالى اختى الفاضلة
من الدقائق ذكر لله واستغفار وتقرب إليه بقراءة كتابه الكريم.
وعليك أن تحرص على تعريف والديك وإخوتك وأخواتك وأصدقائك وأقاربك وأسرتك على فضل هذه الايام المباركات فالذكرى تنفع المؤمنين ولا تدخر جهداً في ذلك ولا بأس أن تستعين بما جاء في هذه المقالة بتصويرها أو نشرها عليهم لعل تجد ذلك العمل عظيماً
في ميزان حسناتك في يوم تعز فيه الحسنات وتكون بدعوتك الناس قد اقتديت بقول الرسول عليه الصلاة والسلام {بلغوا عني ولو آية }
وقوله عليه الصلاة و السلام " نضر الله امرئ سمع مني مقالة فوعاها فأداها كما سمعها فلربما مبلغ أوعى من سامع " .. وأنت بذلك تعمل مع الله في نشر الخير .. والداع للخير كفاعله.. والله لا يضيع اجر العاملين وهو خير الرازقين .. وارحم الراحمين من بيده خزائن السماوات و الأرض .
( وما توفيقى الا بالله عليه توكلت واليه انيب) [سورة : هود:88]
والحمد لله ربِّ العالمين
******************
هل أنتم متعرضون
لنفحات رحمة الله ؟؟!!
إلى الذين فاتتهم الأرباح فى رمضان
فدبَّ فى نفوسهم اليأس من رضا الرحمن
وخمدت فى قلوبهم جذوة الإيمان
أبشروا.....
ها هي مواسم الخير ونفحات الهدى تطل عليكم من جديد
فلنتعرض لها
يقول نبيكم – صلى الله عليه وسلم - :-
(( اطلبوا الخير دهركم كله وتعرضوا لنفحات رحمة ربكم فإن لله نفحات من رحمته فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده وسلوا الله أن يستر عوراتكم وأن يؤمن روعاتكم ))
فقدموا دموع الندم واستغفار السحر          والحقوا بالصحبة التي تطرق أبواب الجنة
أدركوا قطار الصالحين قبل أن يفوتكم               أسرعوا قبل أن تذبل الزهرة
بادروا......فما زال فى إيمانكم أمل                  وربكم على كثرة ذنوبكم يغفر الزلل
والجنة تدعو المعرضين منكم كل يوم بلا ملل
فهل أنتم متعرضون لنفحات رحمة الله ؟؟!!
يقول الأستاذ عبد الحميد الكتبى :-
(( فالمسلم الصادق الحريص على أمر نفسه.. الطالب لنجاتها.. المجاهد لها.. لحريٌّ به أن يلتمس مواسم الطاعات ليعمل فيها.. ولا يترك للأيام أن تعمل فيه.. فيرتقي بنفسه؛ ينميها.. يزكيها… يُعدّها ليوم تشخص فيه القلوب والأبصار.. وما ثمَّة غير أصحاب البصيرة ينعمون برحمة الله.. وهم فيها خالدون. ))
فاقبل أخي -أختي- على هذا الخير الكبير.. واعمل فيه وبه.. واغتنم ساعة بساعة.. فإنك اليوم في سعة من أمرك.. وبحبوحة من وقتك..
اقبل أيها الحبيب.. وتذوق معنا ما سنخطه لك من معان.. وجدِّد عبيرها في نفسك.. واعمل.. فإن الله يناله التقوى منك.. وادعُ الله تعالى أن نكون جميعًا من الغانمين.. الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه..
* أفضل أيام الدنيا :-
-أنها الأيام العشر التي أتمها الله تعالى لموسى عليه الصلاة والسلام، والتي كلّم الله تعالى موسى في تمامها، والتي كانت مرحلة إعداد وتهيئة لمرحلة جديدة في تبليغ رسالة الله ودعوته، وذلك في قول الله تعالى: "وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً".
- قال ابن كثير: "فالأكثرون على أن الثلاثين هي ذو القعدة، والعشر هي ذي الحجة، قاله مجاهد ومسروق وابن جريج وروي عن ابن عباس وغيره".
يقول الشهيد سيد قطب –رحمه الله-
(( لقد انتهت المرحلة الأولى من مهمة موسى التي أرسل لها.
انتهت مرحلة تخليص بني إسرائيل من حياة الذل والهوان والنكال والتعذيب بين فرعون وملأه، وإنقاذهم من أرض الذل والقهر إلى الصحراء الطليقة ولكن القوم لم يكونوا بعد على استعداد لهذه المهمة الكبيرة!.
مهمة الخلافة في الأرض بدين الله..
وكانت هذه المواعدة إعدادًا لموسى نفسه، كي يتهيأ في هذه الليالي للموقف الهائل العظيم، ويستعد لتلقيه، وكانت فترة الإعداد ثلاثين ليلة، أضيفت إليها عشرًا، فبلغت أربعين ليلة، يُعِدّ موسى فيها نفسه إلى اللقاء الموعود، وينعزل فيها عن شواغل الأرض ليغرق في هواتف السماء، ويعتكف فيها عن الخلق ليستغرق فيها في الخالق الجليل، وتصفو روحه وتشف وتستضيء، وتتقوى عزيمته على مواجهة الموقف المرتقب وحمل الرسالة الموعودة.
ـ وكأن المعني بهذا الكلام كل مسلم يبتغي إعادة الرسالة إلى الأرض، كل مسلم ينشد تهيئة روحه لما هو آتٍ، والله أعلم بما هو آت!!.
وكأن الخوف من تقلبات النفس التي تمثلت في بني إسرائيل، كأنها خطر داهم يحرص على تفاديه كل من أراد النجاة من عقبات اليوم الآخر وعقوباته.
ـ ولا يكونن العيش مع النصوص القرآنية بمعزل عن الواقع، فلا يقف فهم النص على بيئة بني إسرائيل التي خرجوا منها وفروا من فرعون وجنده، ولا على مصر فرعون أو فرعون مصر، ولا على صحراء سيناء..؛
وإنما النص القرآني يهيمن على كل بيئة مشابهة، وحال مقارب، وظرف مماثل، ونفس أمّارة بالسوء، محبة للدعة والراحة، غير سالمة من آفات البيئة القديمة، وما فيها من معان سلبية بالية، ولو على مستوى النظر والاعتبار، وإذا كان الله سبحانه قد أنزل على بني إسرائيل المنّ والسلوى إذ هم في الصحراء،
فإن صحراء القلوب لتحتاج إلى مِنة من الله تعالى أن ينزل عليها اليقين، والصبر، والثبات، والصدق في جميع الأمر، فيغتنم المؤمن أوقاتًا كانت لإعداد غيره، علّه يناله منها بعض إعداد.. وهو فضل الله يؤتيه من يشاء، والله واسع عليم)).
- وأنها الأيام التي أكمل الله الدين لمحمد عليه الصلاة والسلام، وذلك في قوله تعالى: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً..".
وهي أكبر النعم، وقعت يوم عرفة من هذه الأيام المباركة، نعمة إكمال الدين، فلا يحتاج زيادة أبدًا، وقد أتمه الله فلا ينقصه أبدًا، وقد رضيه الله فلا يسخطه أبدًا، وإنما مدار الأمر على مدى تمسك المسلم بهذا الدين، وإن تبدلت به الأحوال وتغيرت عليه الأوطان.
ـ ذكر ابن كثير في تفسيره: لَمَّا نَزَلَتْ "الْيَوْم أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينكُمْ"، وَذَلِكَ يَوْم الْحَجّ الْأَكْبَر بَكَى عُمَر فَقَالَ لَهُ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَا يُبْكِيك؟ قَالَ: أَبْكَانِي أَنَّا كُنَّا فِي زِيَادَة مِنْ دِيننَا فَأَمَّا إِذَا أُكْمِلَ فَإِنَّهُ لَمْ يُكْمَل شَيْء إِلَّا نَقَصَ فَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَدَقْت.
- وأنها الأيام الخاتمة لأشهر الحج، وفيها تقع مناسك الحج، الحج الذي يغفر الذنوب، ويجرد المرء من خطاياه كيوم ولدته أمه،
قال ابن رجب:
(( لما كان الله تعالى قد وضع في نفوس المؤمنين حنينًا إلى مشاهدة بيته الحرام، وليس كل أحد قادرًا على مشاهدته في كل عام، فرض الله تعالى على المستطيع الحج مرة واحدة في عمره، وجعل موسم العشر مشتركًا بين السائرين والقاعدين، فمن عجز عن الحج في عام قَدَرَ على عملٍ يعمله في بيته، فيكون أفضل من الجهاد الذي هو أفضل من الحج)).
- وأنها الأيام التي قال عنها النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏
‏(( ‏مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ  ... قَالُوا وَلَا الْجِهَادُ؟؟
قَالَ وَلَا الْجِهَادُ ‏‏ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ ‏ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ)) ... البخاري
وقد دل هذا الحديث على مضاعفة الأعمال الصالحة في عشر ذي الحجة من غير استثناء شيء منها ، وأن أجر هذه الأعمال في أيام عشر ذي الحجة ، لا يساويه شيء من الأجر فيما سواها من الأيام مطلقا ، إلا من عُفر وجهه في التراب وأريق دمه وقتل جواده في الجهاد .
فالعمل الصالح في عشر ذي الحجة يعدل الجهاد في غيرها ، ولهذا قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ، قال ولا الجهاد في سبيل الله ، ثم استثنى صورة واحدة من صور الجهاد ، صورة هي أفضل الجهاد ؛ فقد سئل عليه الصلاة والسلام أي الجهاد أفضل ؟ ... قال من عُقر جواده وأهريق دمه . أخرجه أبو داود بسند حسن .
- ومنها أنها أفضل أيام الدنيا على الإطلاق لقول النبي صلي الله عليه وسلم ((أفضل أيام الدنيا أيام العشر )) صحيح
* وافعلوا الخير :-
1-استغفر لذنبك
أخي الحبيب ....
ألا تحب أن تسرك صحيفتك يوم القيامة ؟؟!!!
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ( من أحب أن تسره صحيفته ، فليكثر من الاستغفار ) صحيح .
وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم ( من أستغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنه حسنه ) حسن
أخي الحبيب ...
لا تدع أن تقول دبر كل صلاة : اللهم أغفر للمؤمنين والمؤمنات .
فما أعظم ثوابها وأضخمه !!
و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا ورزقه من حيث لا يحتسب ) . رواه أبو داود
2- رطب لسانك :-
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ما من أيام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إلي الله العمل فيهن من هذه الايام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد ) صحيح .
فعليك إذا أن تكثر هذه الأيام من ذكر وترديد
( أحب الكلام إلى الله أربع : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ) صحيح
ولذلك كان عبد الله بن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما
3-لا تكن عبد سوء :-
أخي ...
يا من حرم الحج هذا العام ...
أبشر بقول النبي صلي الله عليه وسلم :-
(( من خرج من بيته متطهرا إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم )) حسن
ويستحب التبكير إلى الفرائض، والإكثار من النوافل ، فإنها من أفضل القربات.
روى ثوبان قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( عليك بكثرة السجود لله فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك إليه بها درجة وحط عنك بها خطيئة ) وهذا عام في كل وقت . بجانب المحافظة والمواظبة على الصلوات المفروضة، على المرء أن يجتهد ويُكثر من التقرُّب إلى الله .
واحرص على الصف الأول
جاء في الحديث أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يستغفر للصف المقدم ثلاثا وللثاني مرة ) صحيح
وإن كان رسول الله صلي الله عليه وسلم قد استغفر للصف الثاني مره واحده فحسب فإن هذا الصف محروم من صلاة الله والملائكة بنص قوله صلي الله عليه وسلم إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول ) صحيح
ولضخامة ثواب الصف الأول وعظيم أجره كان النبي صلي الله عليه وسلم يقول ( لو تعلمون ما في الصف الأول ما كانت إلا قرعه) حسن
واقتد بهذه النماذج المشرقة
كان سفيان ابن عيينة يقول : لا تكن مثل عبد السوء لا يأتي حتى يدعي : ائت الصلاة قبل النداء
ممن كان يأتي الصلاة قبل النداء سعيد بن المسيب قال رحمه الله ما أذن مؤذن منذ أربعين سنة إلا وأنا في المسجد .
وقال :ما فاتتني التكبيرة الأولي منذ خمسين سنه وما نظرت في قفا رجل في الصلاة منذ خمسين سنه .
وهذا عدي بن حاتم رضي الله عنه يستعد للصلاة قبل الأذان فيقول ما دخل وقت صلاة حتى أشتاق إليها وما أقيمت الصلاة منذ أسلمت إلا وأنا على وضوء .
وهذا محمد بن خفيف : روي عنه انه كان به وجع الخاصرة فكان إذا أصابه أقعده عن الحركة فكان إذا نودي للصلاة يحمل على ظهر رجل فقيل له : لو خففت عن نفسك قال إذا سمعت حي على الصلاة ولم تروني في الصف فاطلبوني في المقبرة !!!
4-ولا تغفل عن صيام التطوع
كان من هديه صلي الله عليه وسلم صيام تسع من ذي الحجة ، فعن هنيدة بن خالد عن امرأته قالت : ( حدثتني بعض نساء النبي صلي الله عليه وسلم أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يصوم يوم عاشوراء ، وتسعاً من ذي الحجة ، وثلاثة أيام من الشهر ).
وقال النووي عن صوم أيام العشر : مستحب استحباباً شديداً .
من فضل صيام التطوع أن ( من صام يوماً في سبيل الله وجعل الله بينه وبين النار خندقاً كما بين السماء والأرض ) صحيح .
ويكفيك من ثوابه أن : ( من ختم له بصيام يوم دخل الجنة ) صحيح .
ومن ثوابه قول الله تعالي (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24) ) الحاقة 24 . قال مجاهد نزلت في الصائمين .
ومن ثوابه أن ( ثلاثة لا ترد دعوتهم - منهم – الصائم حتى يفطر ) صحيح
ومن ثوابه أن لا مثيل لثوابه لقول النبي صلي الله عليه وسلم لرجل : ( عليك بالصوم فإنه لا عدل له ) صحيح
ومن ثوابه أن ( الله وملائكته يصلون على المتسحرين ) صحيح .
ومن عظيم ثوابه أن ( من صام من كل شهر ثلاثة أيام فذلك صيام الدهر ) فأنزل الله عز وجل تصديق ذلك في كتابه (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ) اليوم بعشرة أيام . صحيح .
ومن ثوابه قول النبي صلي الله عليه وسلم ( كل عمل ابن آدم يضاعف له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف . قال الله سبحانه : إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ) صحيح .

واسأل الله خواتيم الصائمين :-
لما حضرت الوفاة إبراهيم بن هانئ وكان صائماً جاءه ابنه إسحاق بماء، قال : غابت الشمس ؟ ... قال : لا ... فرده ثم قال : (لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (61)) الصافات 61 . ثم خرجت روحه رحمه الله .
 - حضرت نفيسة ابنة الحسن بن زيد رحمها الله الوفاة وهي صائمة ، فجاءها قوم وهي في الرمق الأخير ، فألزموها الفطر فقالت: واعجباً !!! أنا منذ ثلاثين سنة أسال الله تعالي أن ألقاه صائمة .... أأفطر الآن ؟؟!!!!! هذا لا يكون ..
وخرجت من الدنيا وهي صائمة .

5-وإياك أن تضيع يوم عرفة :-
يقول الرسول صلي الله عليه وسلم : ( ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة ، وأنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول : ماذا أرد هؤلاء ؟!!!
ويقول النبي صلي الله عليه وسلم ( صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده ) صحيح .
وهو يوم عيد ، قال صلي الله عليه وسلم ( يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام ) صحيح .
ولذا قال عمر رضي الله عنه نزلت آية ( اليوم أكملت لكم دينكم ) في يوم الجمعة ويوم عرفة ، وكلاهما بحمد الله لنا عيد )
يا أخي ...........
يقول د/ خالد أبو شادي :- قد رضي الله منك في عتق نفسك من النار بالندم ، وقنع منك في ثمن الجنة بالتوبة والحزن ، في هذا الموسم رخص سعر المغفرة ...... ومن ملك سمعه وبصره غفر له ، ولذا ما رؤي الشيطان يوماً هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أغيظ منه في يوم عرفه))
أخي الحبيب ........
دع هذه الأيام فجرا جديدا في حياتك ، وسيرك إلى الله تعالى في هذه الدنيا ،
وليكن مع بزوغ هذا الفجر في قلبك سير قلبي نحو إعداد نفسك وروحك كما فعل موسى عليه السلام ،
وفتش في حنايا روحك عن النقص فيها ،
واتمم كما أتم الله لك هذا الدين ،
فإن أشرق القلب ، وأعدت النفس ، وتم للروح بعض التمام ،
فجاهدها ، وحدثها بالجهاد المبارك ، تفر من النفاق ، وتسلم من مظاهره وصوره ، التي من بينها ، العجز والكسل في الطاعات (وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى ) .

وحدث نفسك أيها المؤمن ، وحرك معاني الشوق في مكامن روحك ، فالحياة تأكل منا ما نزرعه في أيامنا ، ما لم نتدارك ، ببذر ، وغرس ، وسقاء ، وشجرة شحذ الهمم ، والشوق للمعالي ، و إلا فما ثمة غير سفاسف من الأمر ، ليس لك منها شيء .

إن من جملة تذكير النفس بالمعاني العالية إلزامها بصنوف من العمل الصالح ، ومتابعتها ، ومحاسبتها ، وإتعابها في ذات الله ، ولا يدرك هذا بالأحلام والتمني ، وإنما بتعب ونصب .
فقد كان سعيد بن جبير ـ رضوان الله عليه ـ إذا دخل العشر اجتهد اجتهاداً حتى ما يكاد يقدر عليه .
وروي عنه أنه قال : " لا تطفئوا سرجكم ليالي العشر" كناية عن القراءة والقيام
وما أجمل أن نختم ونحن نصغي لوصية ابن رجب وهو يصرخ فينا وينبهنا ويقول
(( الغنيمة الغنيمة بانتهاز الفرصة في هذه الأيام العظيمة .
فما منها عوض ولا لها قيمة .
والمبادرة المبادرة بالعمل .
والعجل العجل قبل هجوم الأجل .
قبل أن يندم المفرط على ما فعل .
قبل أن يسأل الرجعة ليعمل صالحا ً فلا يجاب إلى ما سئل .
قبل أن يحول الموت بين المؤمل وبلوغ الأمل . قبل أن يصير المرء مرتهنا في حفرته بما قدم من عمل )) .

******************
بيوتنا وعشر ذي الحجة
بشرى للبيوت..!
أقبلت العشر بكل خير.. تحمل البشرى للبيوت بموسم العام الأكبر.. وتنادي: هل من مشمر؟!
هل من مشمر لاستباق الخيرات، واغتنام النفحات؟!
وهل من مشمر للاستثمار التربوي.. ومضاعفة العمر؛ بالبث والحث على هذا الخير؟!
إنها نفحات لا نظير لها لمن وفقه الله.. فتجاوز عبادته في نفسه؛ إلى تزكية أهل بيته وحثهم على مثل اجتهاده، وإعانتهم في ذلك.
بل هي غنيمة باردة لمن ألهمه الله فوق ذلك؛ فكان وأهل بيته جميعا ممن جمع الخيرين: الاجتهاد في العبادة، ودعوة غيرهم إلى مثل ذلك.
اتل واقصص..!
اتل على أهل بيتك من الآيات والحكمة والقصص ما يجعلهم يبتدرون العشر قبل أن تتفلت أيامها، ويتسابقون في دعوة غيرهم؛ لمضاعفة أجورهم:
اتل قوله تعالى على زوجك وصغارك: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ} (الفجر/2،1)، واذكر لهم أن هذه العشر التي يقسم بها الله - جل في علاه - هي في قول أكثر المفسرين "عشر ذي الحجة"؛ لعظيم شرفها؛ فهي أفضل أيام العام؛ لاجتماع أعظم العبادات فيها.
وكذا قوله جل وعلا: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ...} (الحج/28).
قال جمهور العلماء بأن هذه الأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة، منهم ابن عمر وابن عباس، رضي الله عنهم.
واتل عليهم من السنة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام ـ يعني أيام العشر ـ "، قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء" (رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما).
واقصص من أحوال السلف ما يرفع هممهم، ومنها أن التابعي الجليل سعيد بن جبير – راوي الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما - كان يجتهد – في هذه العشر - اجتهادا حتى ما يكاد يُقدر عليه!!
رعاية يتم بها النفع..!
فإذا تمت الموعظة الطيبة المشوّقة.. تعاهد جذوة الحماس الناشئة برعاية يتم بها النفع، طوال العشر؛ فإن النفوس بعد الموعظة تحتاج إلى تعاهد ومتابعة.
ومن خير ما تذكرهم به عملياً – مع كونه شعيرة مباركة في هذه العشر – التكبير والتهليل، والجهر به؛ ونشر ذلك في البيت؛ فيكون إظهارا للشعيرة وتذكيرا في الوقت نفسه باغتنام الأوقات في سائر أنواع العبادات من صلاة وصيام وصدقة وبر وصلة.
فإذا كان من أهل البيت من تم بلوغه من البنين أو البنات؛ وتيسر لرب البيت السفر به للحج؛ فيا له من خير عظيم وفضل كبير لمن يسره الله له، لا يكاد يعادله فضل في هذه العشر.
فإن لم يكن سفر للحج.. ففي أداء الأضحية وإظهار الشعائر وسائر العبادات متسع للتزكية والتربية؛ بالقدوة والمشاهدة والمشاركة.

أطفالنا وعشر ذي الحجة
جاء عن ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَدِّبِ ابْنَكَ فَإِنَّكَ مَسْؤُولٌ عَنْهُ: مَاذَا أَدَّبْتَهُ، وَمَاذَا عَلَّمْتَهُ؟ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ بِرِّكَ وَطَوَاعِيَتِهِ لَكَ" [1] ، وقال بعض العلماء: "اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَسْأَل الْوَالِدَ عَنْ وَلَدِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَبْل أَنْ يَسْأَل الْوَلَدَ عَنْ وَالِدِهِ" [2] .
لقد كان دَيدَنُ السلف الصالح في تربيتهم لأولادهم:
بناء معتقدهم، وتنمية مهاراتهم وقدراتهم، وتحصينهم ضد الشهوات والشبهات، وتأهيلهم للأعمال الجليلة، والواجبات الشرعية، والسلوكيات الحميدة، وقد وردت النصوص في تأكيد ذلك وبيانه.
جاء عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ قَالَتْ: "أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الأَنْصَارِ الَّتي حَوْلَ الْمَدِينَةِ "مَنْ كَانَ أَصْبَحَ صَائِمًا فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، وَمَنْ كَانَ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ).
 فَكُنَّا بَعْدَ ذَلِكَ نَصُومُهُ وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا الصِّغَارَ مِنْهُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَنَذْهَبُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهَا إِيَّاهُ عِنْدَ الإِفْطَارِ"..
هكذا كانوا، وهكذا ينبغي لنا أن نكون مع أطفالنا في خير أيام الدنيا؛ عشر ذي الحجة.
فهل ترى من النَّجابة في شيء أن نُفوِّتَ أياماً عظيمة كهذه الأيام دون أن ننقش من آثارها على أولادنا، فيشب أحدهم وقد اعتاد القيام بشعائر الإسلام، وتمرَّس على واجباته ومستحباته، ونشأ وقد وقَرَ في قلبه عظمة ما نُعظِّمه، وصارت أعظم الأشياء عنده ما نعتقده، متين المعتقد، سليم القلب، طاهر اللسان، شاباً صالحاً، وعضواً نافعاً في المجتمع؟!
إننا لنُحَقِّقَ هذه الخِصال مع أطفالنا في أعظم الأيام عند الله، ينبغي أن تكون لنا خُطوات أسرية إيمانية مدروسة، نستجلبُ بها رحمة الكريم المنَّان، ونؤكِّد فيها التقارب معهم، ونرسم أهدافاً سامية يسعى الجميع إلى تحقيقها في دنياه لعمارة آخرته وبنائها.

الخطوة الأولى (لفت الانتباه):
وذلك بطباعة حديث الإمام البخاري، وحديث الإمام أحمد، وقول الإمام ابن حجر -رحمهم الله- التي ذُكرت مطلع هذا المقال، بصورة واضحة، وتعليقها في غرفة الجلوس، أو في مكان بارز في البيت؛ ليتمكن الجميع من قراءتها.. ولو أمكن إعلان جائزة مناسبة لمن يحفظها من أفراد الأسرة، لكان هذا جميلاً.
الخطوة الثانية ( التهيئة النفسية):
حيث تجتمع الأسرة في حلقة حول الأب، أو غيره من أفراد الأسرة، لبيان عظمة هذه الأيام العشر، فقد ذكرها الله تعالى في كتابه: (وَالْفَجْر وَلَيَالٍ عَشْرٍ)، وجاءت الأحاديث وأقوال السلف في فضلها، وأنها أعظم أيام الدنيا، وقد حثَّ نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم- على العمل الصالح فيها، وأمر بكثرة التهليل والتكبير، ثم فيها يوم عرفة، ويوم النحر، واجتمعت فيها أمهات العبادة: الحج، والصدقة، والصيام، والصلاة..
يتم عرض هذا كله بأسلوب مشوِّق يتناسب مع الفئة العمرية لأفراد الأسرة، وبمزيد من المراعاة لفُهُوم الأطفال فيها.
الخطوة الثالثة (التعرف إلى أَعْمال العَشر):
دلَّت النصوص من الكتاب والسنَّة وأقوال أهل العلم على استحباب الإكثار من الأعمال الصالحة في هذه العشر، ومن ذلك:
أولاً: أداء الصلوات المفروضة على وجهها الأكمل، بأدائها على وقتها، والتبكير لها، وإتمام ركوعها وسجودها، وتحقيق خشوعها، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "سَأَلْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا"..
ثانياً: التقرب إلى الله بالإكثار من قراءة القرآن، والصدقات، وإعانة المحتاجين، والتوبة والاستغفار، وصلاة النوافل، وأداء السنن الرواتب، وصلاة الضحى، والوتر، وقيام الليل، فقد جاء عن سعيد بن جبير قال: "لا تطفئوا سرجكم ليالي العشر".
كناية عن القراءة والقيام.
ثالثاً: صيام ما تيسر من أيام هذه العشر؛ فهو داخل في جنس الأعمال الصالحة، وآكدها صيام يوم عرفة لغير الحاج، قال صلى الله عليه وسلم: "صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِى قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِى بَعْدَهُ"..
رابعاً: الإكثار من التهليل، والتكبير، والتحميد، لقوله صلى الله عليه وسلم: "فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد".
كما أنه يُستحَبّ التكبير المطلق في البيت، والسوق، والعمل، إلا ما دلَّت النصوص على كراهة الذكر فيه، قال تعالى: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ). [14] ، وصفته: (الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد) ،"قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ أَيَّامُ الْعَشْرِ ...
 وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا" .
خامساً: ومن أعظم الأعمال في هذه العشر حج بيت الله الحرام، وقصد بيته لأداء المناسك لمن تيسر له، قال صلى الله عليه وسلم: "الحج المبرور ليس له جزاء إلاّ الجنة". [17] . وقال صلى الله عليه وسلم: "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه"..
سادساً: ومن الأعمال الجليلة في هذه العشر المباركة؛ ذبح الأضاحي تقرباً لله، فإنه: "صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده، وسمّى وكبّر، ووضع رجله على صِفَاحِهِما"..

الخطوة الرابعة (الجانب التطبيقي التربوي):
1- تشجيع الأطفال على حفظ الذكر المطلق في أيام العشر، وكذا حفظ شيء من نصوص فضائل الأعمال فيها، من خلال إعلان مسابقة لذلك وجوائز حسية ومعنوية، فإن لذلك أثره الكبير في صياغة عقلية الطفل واهتماماته في المستقبل،
 قال إبراهيم بن أدهم: "قال لي أبي: يا بني، اطلبِ الحديث، فكلما سمعت حديثاً وحفظته فلك درهم. فطلبت الحديث على هذا"..
2- اعتياد الصغير للعبادة سبب في محبتها وإلْفها، فتكون سهلة ميسورة حين كِبَره، كيف وهو يرى والديه جعلا أعمال العشر برامج تطبيقية عملية في حياتهم، يذكِّرون بالصلاة على وقتها، ويُرَدِّدُون على مسمعه كلمات الأذان، ويُرَطِّبُون أسماعه بترداد التكبير المطلق، ويصطحبونه لإيصال الصدقات وإعانة المحتاجين، يُعَرِّفونه بالسنن الرواتب وأجورها، ويُعوِّدونه صيام جزء – ولو يسيراً جداً – من اليوم.
3- الجلسات الحوارية الأسرية الهادئة لها أثرها البالغ في حياة الطفل، ولو كانت إحداها في شرح معاني مفردات التهليل والتحميد والتكبير، وشيء من دلالات أسماء الله وصفاته، وبيان الحكمة من الصلاة، والصوم، وإعانة المحتاجين، وأثر أيام العشر، ويوم عرفة على العباد، لكان في ذلك ترسيخ لمحبة الله سبحانه، وتعظيمه، وتوقيره، وقدره حق قدره، وترسيخ محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسبب في أن ترتبط نفس الطفل بمولاه سبحانه، وتنمو روحه وتَسْلَمُ فِطرتَه، ويبقى مستظلاً بظلها، يعيش معناها في كِبَره شيئاً فشيئاً.
4- استثمار المزايا العظيمة التي ذكرها صلى الله عليه وسلم للعمل الصالح في هذه الأيام العشر، لتبيان أن الله جعلها أمام عبيده؛ ليتقربوا إليه، فتزيد حسناتهم، وتُحطّ سيئاتهم، فيفوزوا بجنة عرضها السموات والأرض. ما أنها تدل على محبة الله لعباده المؤمنين، وأن قَدْرَ الموَحِّد عند الله عظيماً؛ فلا يجوز تخويفه، أو رفع السلاح في وجهه، أو التنابز معه بالألقاب الفاحشة، فقد نظر ابن عمر -رضي الله عنه- يوماً إلى الكعبة فقال: "ما أعظمك وأعظم حرمتك، والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك"..
5- في الأضحية إحياء لسنة أبينا إبراهيم عليه السلام، وفيها تذكير بقصَّة الفداء والتضحية والتقرب إلى الله، وفيها هدي نبينا -صلى الله عليه وسلم- يوم العيد، وحين إلقاء الوالدين على أطفالهم قصة نبي الله إبراهيم مع ابنه إسماعيل؛ إذ أصبح يوم فداء إسماعيل وإنقاذه من الذبح عيدًا للمسلمين يُسمَّى بعيد الأضحى، يذبح فيه المسلمون الذبائح تقربًا إلى الله، وتخليدًا لهذه الذكرى، تبقى هذه القصة مؤثرة في عقولهم ووجدانهم، يعيشون حياة أبطالها، يستمعون بشغفٍ إليها، ويتقمَّصون ما فيها من حِكَم أو دلالات، وينسجون لنفوسهم خيالات واسعة بين أحداثها، فيؤمنوا بما دلَّت عليه، وتفتح لهم ملكة التفكير للتعبير والإبداع النافع.
أطفالنا، أكبادنا تمشي على الأرض، أمانة في أعناقنا، يتعلَّمون خلال سِنِيِّ حياتهم مَعَنا ما يُعينهم على القيام بأدوارهم المستقبلية، تارة بالتقليد والمحاكاة، وتارة بالمحاولة والخطأ، وتارة بما اعتادوا عليه؛ فإنه من المعروف أن الطفل يتأثر بوالديه، وهذا الأثر يبقى لفترة طويلة، قد تمتد طوال عمره، وقِيَم الوالدين والأخوة تنتقل للأطفال بصورة مباشرة بحسب مجريات الحياة اليومية ومستجداتها، ولذا فعلى الوالدين إشباع أطفالهم بمنظومة قيمية، ومعرفية، وروحانية، ومهارية؛ تجعلهم مؤمنين بربهم، صالحين في أنفسهم، بَنَّائين في مجتمعهم.
ابدأ صفحة جديدة مع الله .. في خير أيام الله ..
{وَالْفَجْرِ (1)وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2)وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3)وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (4)هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ (5)}