السبت، 11 أبريل 2009

دور الأم فى التربية

المرأة المسلمة هي الركيزة الأولى في بناء المجتمع المسلم ، لماذا ؟
لأنها القائمة على بناء الأسرة ، وبناء الأسرة هو أخطر بناء في كيان المجتمع ،
بل في كيان الأمة بأســـــرها ،كما قال شوقى:
الأم مدرسة إذا أعددتها000 أعددت جيلا طيب الأعراق
وكما قال محمد اسماعيل المقدم مخاطبا المرأة:
"انت نصف الأمة وأنت تلدين النصف الآخر فأنت الأمة بأسرها"
وإن تعجب فعجب من أناس يهتمون في بناء مكون من الحجارة والطين ،
ويهتمون باختيار الموقع المناسب والخامات الجيدة التي تضمن لهم سلامة البناء ،
ولا يهتمون ببناء الأسرة التي تتكون من الرجال والنساء والبنين والبنات ،
مع أن بناء الأحجار قد يتعلق بسعادة الدنيا ، وبناء الأسرة يتعلق بسعادة الدنياوالآخرة .
إن البيت المسلم قلعة من قلاع هذه العقيدة ،
والأب المسلم لايكفي وحده أبدا لتأمين هذه القلعة ،
بل لابد أيضا من الأم التي تقوم معه على تأمين هذه القلعة بالتربية للأولاد
على الآداب القرآنية والأخلاق المحمدية كما قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم : " والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسئولة عن رعيتها "
فالأم هي الحضن التربوي الطاهر الذي خرج القادة الفاتحين والعلماء العاملين
والدعاة الصادقين
الحديث عن أهمية التربية ودورها في إعداد المجتمع وحمايته
ليس هذا مكانه ولا وقته، فالجميع يدرك أن التربية ضرورة
ومطلب ملح أيًّا كان منطلقه وفلسفته التربوية، والمجتمعات كلها
بأسرها تنادي اليوم بالتربية وتعنى بالتربية والحديث عنها، ولعلنا
حين نتطلع إلى المكتبة نقرأ فيها من الكتب الغربية أكثر مما نقرأ
فيها مما صدر عن مجتمعات المسلمين، مما يدل على أن التربية
همًّا ومطلباً للجميع بغض النظر عن فلسفتهم التربوية وأولياتهم.

أهمية الأم في تربية الطفل:

تحتل الأم مكانة مهمة وأساسية في التربية،
ويبدو ذلك من خلال الأمور الآتية:

الأمر الأول: أثر الأسرة في التربية:

فالأسرة أولاً هي الدائرة الأولى من دوائر التنشئة الاجتماعية،
وهي التي تغرس لدى الطفل المعايير التي يحكم من خلالها
على ما يتلقاه فيما بعد من سائر المؤسسات في المجتمع،
فهو حينما يغدو إلى المدرسة ينظر إلى أستاذه نظرةً من خلال
ما تلقاه في البيت من تربية، وهو يختار زملاءه في المدرسة
من خلال ما نشأته عليه أسرته، ويقيِّم ما يسمع وما يرى من
مواقف تقابله في الحياة، من خلال ما غرسته لديه الأسرة،
وهنا يكمن دور الأسرة وأهميتها وخطرها في الميدان التربوي.

الأمر الثاني: الطفل يتأثر بحالة أمه وهي حامل:

تنفرد الأم بمرحلة لا يشركها فيها غيرها وهي مرحلة مهمة ولها
دور في التربية قد نغفل عنه ألا وهي مرحلة الحمل؛ فإن
الجنين وهو في بطن أمه يتأثر بمؤثرات كثيرة تعود إلى الأم، ومنها:

التغذية فالجنين على سبيل المثال يتأثر بالتغذية ونوع الغذاء
الذي تتلقاه الأم، وهو يتأثر بالأمراض التي قد تصيب أمه أثناء
الحمل، ويتأثر أيضاً حين تكون أمه تتعاطى المخدرات، وربما
أصبح مدمناً عند خروجه من بطن أمه حين تكون أمه مدمنة
للمخدرات، ومن ذلك التدخين،

فحين تكون المرأة مدخنة فإن ذلك يترك أثراً على جنينها،
ولهذا فهم في تلك المجتمعات يوصون المرأة المدخنة أن تمتنع
عن التدخين أثناء فترة الحمل أو أن تقلل منه؛ نظراً لتأثيره على
جنينها، ومن العوامل المؤثرة أيضاً: العقاقير الطبية التي تناولها
المرأة الحامل، ولهذا يسأل الطبيب المرأة كثيراً حين يصف لها
بعض الأدوية عن كونها حامل أو ليست كذلك .

وصورةً أخرى من الأمور المؤثرة وقد لا تتصوره الأمهات والآباء
هذه القضية، وهي حالة الأم الانفعالية أثناء الحمل، فقد يخرج
الطفل وهو كثير الصراخ في أوائل طفولته، وقد يخرج الطفل
وهو يتخوف كثيراً،

وذلك كله بسبب مؤثرات تلقاها من حالة أمه الانفعالية التي
كانت تعيشها وهي في حال الحمل، وحين تزيد الانفعالات الحادة
عند المرأة وتكرر فإن هذا يؤثر في الهرمونات التي تفرزها الأم
وتنتقل إلى الجنين،

وإذا طالت هذه الحالة فإنها لا بد أن تؤثر على نفسيته وانفعالاته
وعلى صحته، ولهذا ينبغي أن يحرص الزوج على أن يهيئ لها
جواً ومناخاً مناسباً، وأن تحرص هي على أن تتجنب الحالات
التي تؤدي بها حدة الانفعال .

أمر آخر أيضاً له دور وتأثير على الجنين وهو اتجاه الأم نحو حملها
أو نظرتها نحو حملها فهي حين تكون مسرورة مستبشرة بهذا
الحمل لا بد أن يتأثر الحمل بذلك، وحين تكون غير راضية عن هذا
الحمل فإن هذا سيؤثر على هذا الجنين، ومن هنا وجه الشرع
الناس إلى تصحيح النظر حول الولد الذكر والأنثى،

قال سبحانه وتعالى (ولله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء
ويهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور. أو يزوجهم ذكراً
وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عليم قدير).

فهو سبحانه وتعالى له ما يشاء وله الحكم سبحانه وتعالى؛
فيقرر للناس أنه عز وجل صاحب الحكم والأمر، وما يختار الله
سبحانه وتعالى أمراً إلا لحكمة، لذا فالزوجة والزوج جميعاً ينبغي
أن يرضوا بما قسم الله، ويعلموا أن ما قسم الله عز وجل خير
لهم، سواءً كان ذكراً أو أنثى، وحين تفقد المرأة هذا الشعور،

فيكشف لها التقرير الطبي أن الجنين الذي في بطنها أنثى،
فتبدأ تغير نظرتها ومشاعرها نحو هذا الحمل أو العكس فإن
هذا لا بد أن يؤثر على الحمل، ونحن هنا لسنا في عيادة طبية
حتى نوجه المرأة الحامل أو نتحدث عن هذه الآثار التي يمكن
أن تخلقها حالة الأم على الحمل، إنما المقصود من هذا كله
أن دور المرأة يبدأ من حين حملها وأنها تعيش مرحلة تؤثر
على مستقبل هذا المولود لا يشاركها غيرها.

الأمر الثالث: دور الأم مع الطفل في الطفولة المبكرة:

الطفولة المبكرة مرحلة مهمة لتنشئة الطفل، ودور الأم فيها
أكبر من غيرها، فهي في مرحلة الرضاعة أكثر من يتعامل مع
الطفل، ولحكمة عظيمة يريدها الله سبحانه وتعالى يكون طعام
الرضيع في هذه المرحلة من ثدي أمه وليس الأمر فقط تأثيراً
طبيًّا أو صحيًّا، وإنما لها آثار نفسية أهمها إشعار الطفل بالحنان
والقرب الذي يحتاج إليه، ولهذا يوصي الأطباء الأم أن تحرص على
إرضاع الطفل، وأن تحرص على أن تعتني به وتقترب منه لو لم ترضعه.

وهنا ندرك فداحة الخطر الذي ترتكبه كثير من النساء حين تترك
طفلها في هذه المرحلة للمربية والخادمة؛ فهي التي تقوم
بتنظيفه وتهيئة اللباس له وإعداد طعامه، وحين يستعمل
الرضاعة الصناعية فهي التي تهيئها له، وهذا يفقد الطفل قدراً
من الرعاية النفسية هو بأمس الحاجة إليه.

وإذا ابتليت الأم بالخادمة -والأصل الاستغناء عنها- فينبغي أن
تحرص في المراحل الأولية على أن تباشر هي رعاية الطفل،
وتترك للخادمة إعداد الطعام في المنزل أو تنظيفه أو غير ذلك
من الأعمال، فلن يجد الطفل الحنان والرعاية من الخادمة كما
يجدها من الأم، وهذا له دور كبير في نفسية الطفل واتجاهاته
في المستقبل، وبخاصة أن كثيراً من الخادمات والمربيات في
العالم الإسلامي لسن من المسلمات، وحتى المسلمات غالبهن
من غير المتدينات، وهذا لا يخفى أثره، والحديث عن هذا الجانب
يطول، ولعلي أن أكتفي بهذه الإشارة.

فالمقصود أن الأم كما قلنا تتعامل مع هذه المرحلة مع الطفل
أكثر مما يتعامل معه الأب، وفي هذه المرحلة سوف يكتسب
العديد من العادات والمعايير، ويكتسب الخلق والسلوك الذي
يصعب تغييره في المستقبل، وهنا تكمن خطورة دور الأم فهي
البوابة على هذه المرحلة الخطرة من حياة الطفل فيما بعد،
حتى أن بعض الناس يكون مستقيماً صالحاً متديناً لكنه لم ينشأ
من الصغر على المعايير المنضبطة في السلوك والأخلاق، فتجد
منه نوعاً من سوء الخلق وعدم الانضباط السلوكي، والسبب أنه
لم يترب على ذلك من صغره.

الأمر الرابع : دور الأم مع البنات:

لئن كانت الأم أكثر التصاقاً بالأولاد عموماً في الطفولة المبكرة،
فهذا القرب يزداد ويبقى مع البنات.

ولعل من أسباب ما نعانيه اليوم من مشكلات لدى الفتيات يعود
إلى تخلف دور الأم التربوي، فالفتاة تعيش مرحلة المراهقة
والفتن والشهوات والمجتمع من حولها يدعوها إلى الفساد
وتشعر بفراغ عاطفي لديها، وقد لا يشبع هذا الفراغ إلا في
الأجواء المنحرفة، أما أمها فهي مشغولة عنها بشؤونها الخاصة،
وبالجلوس مع جاراتها وزميلاتها، فالفتاة في عالم والأم في عالم آخر.

إنه من المهم أن تعيش الأم مع بناتها وتكون قريبة منهن؛
ذلك أن الفتاة تجرؤ أن تصارح الأم أكثر من أن تصارح الأب،
وأن تقترب منها وتملأ الفراغ العاطفي لديها.

ويزداد هذا الفراغ الذي تعاني منه الفتاة في البيت الذي فيه
خادمة، فهي تحمل عنها أعباء المنزل، والأسرة ترى تفريغ هذه
البنت للدراسة لأنها مشغولة في الدراسة، وحين تنهي أعباءها
الدراسية يتبقى عندها وقت فراغ، فبم تقضي هذا الفراغ: في
القراءة؟ فنحن لم نغرس حب القراءة لدى أولادنا.

وبين الأم وبين الفتاة هوه سحيقة، تشعر الفتاة أن أمها لا
توافقها في ثقافتها وتوجهاتها، ولا في تفكيرها، وتشعر بفجوة
ثقافية وفجوة حضارية بينها وبين الأم؛ فتجد البنت ضالتها في
مجلة تتحدث عن الأزياء وعن تنظيم المنزل، وتتحدث عن الحب
والغرام، وكيف تكسبين الآخرين فتثير عندها هذه العاطفة،
وقد تجد ضالتها في أفلام الفيديو، أو قد تجد ضالتها من خلال
الاتصال مع الشباب في الهاتف، أو إن عدمت هذا وذاك ففي
المدرسة تتعلم من بعض زميلاتها مثل هذه السلوك.

الأمر الخامس: الأم تتطلع على التفاصيل الخاصة لأولادها:

تتعامل الأم مع ملابس الأولاد ومع الأثاث وترتيبه، ومع أحوال
الطفل الخاصة فتكتشف مشكلات عند الطفل أكثر مما يكتشفه
الأب، وبخاصة في وقتنا الذي انشغل الأب فيه عن أبنائه،
فتدرك الأم من قضايا الأولاد أكثر مما يدركه الأب.

هذه الأمور السابقة تؤكد لنا دور الأم في التربية وأهميته،
ويكفي أن نعرف أن الأم تمثل نصف المنزل تماماً ولا يمكن
أبداً أن يقوم بالدور التربوي الأب وحده، أو أن تقوم به المدرسة
وحدها، فيجب أن تتضافر جهود الجميع في خط واحد.

لكن الواقع أن الطفل يتربى على قيم في المدرسة يهدهما
المنزل، ويتربى على قيم في المنزل مناقضة لما يلقاه في
الشارع؛ فيعيش ازدواجية وتناقضا ، المقصود هو يجب أن
يكون البيت وحده متكاملة.

لا يمكن أن أتحدث لا يمكن أن أتحدث عن الدور الذي ننتظره
من الأم في التربية، إنما هي فقط مقترحات أردت أن أسجلها.

مقترحات تربوية للأم:

مهما قلنا فإننا لا نستطيع أن نتحدث بالتفصيل عن دور الأم في
التربية، ولا نستطيع من خلال ساعة واحدة أن نُخرِّج أماً مربية،
ولهذا رأيت أن يكون الشق الثاني -بعد أن تحدثنا في عن أهمية
دور الأم- عبارة عن مقترحات وتحسين الدور التربوي للأم وسجلت هنا، ومن هذه المقترحات:

أولاً: الشعور بأهمية التربية:

إن نقطة البداية أن تشعر الأم بأهمية التربية وخطورتها، وخطورة
الدور الذي تتبوؤه، وأنها مسؤولة عن جزء كبير من مستقبل
أبنائها وبناتها، وحين نقول التربية فإنا نعني التربية بمعناها
الواسع الذي لايقف عند حد العقوبة أو الأمر والنهي، كما يتبادر
لذهن طائفة من الناس، بل هي معنى أوسع من ذلك.

فهي تعني إعداد الولد بكافة جوانب شخصيته: الإيمانية،
والجسمية، والنفسية، والعقلية الجوانب الشخصية المتكاملة
أمر له أهمية وينبغي أن تشعر الأم والأب أنها لها دور في رعاية
هذا الجانب وإعداده.

وفي جانب التنشئة الدينية والتربية الدينية يحصرها كثير من
الناس في توجيهات وأوامر أو عقوبات، والأمر أوسع من ذلك،
ففرق بين شخص يعاقب ابنه حيث لا يصلي وبين شخص آخر
يغرس عند ابنه حب الصلاة، وفرق بين شخص يعاقب ابنه
حين يتفوه بكلمة نابية، وبين شخص يغرس عند ابنه رفض
هذه الكلمة وحسن المنطق، وهذا هو الذي نريده حين نتكلم
عن حسن التربية، فينبغي أن يفهم الجميع –والأمهات بخاصة-
التربية بهذا المعنى الواسع.

ثانياً: الاعتناء بالنظام في المنزل:

من الأمور المهمة في التربية -ويشترك فيها الأم والأب لكن
نؤكد على الأم- الاعتناء بنظام المنزل؛ فذلك له أثر في تعويد
الابن على السلوكيات التي نريد.

إننا أمة فوضوية: في المواعيد، في الحياة المنزلية، في تعاملنا
مع الآخرين، حتى ترك هذا السلوك أثره في تفكيرنا فأصبحنا
فوضويين في التفكير.

إننا بحاجة إلى تعويد أولادنا على النظام، في غرفهم وأدواتهم،
في مواعيد الطعام، في التعامل مع الضيوف وكيفية استقبالهم،
ومتى يشاركهم الجلوس ومتى لايشاركهم؟


ثالثاً: السعي لزيادة الخبرة التربوية:

إن من نتائج إدراك الأم لأهمية التربية أن تسعى لزيادة خبرتها التربوية والارتقاء بها، ويمكن أن يتم ذلك من خلال مجالات عدة، منها:

أ : القراءة؛ فمن الضروري أن تعتني الأم بالقراءة في الكتب
التربوية، وتفرغ جزءاً من وقتها لاقتنائها والقراءة فيها، وليس
من اللائق أن يكون اعتناء الأم بكتب الطبخ أكثر من اعتنائها
بكتب التربية.

وحين نلقي سؤالاً صريحاً على أنفسنا: ماحجم قراءاتنا التربوية؟
وما نسبتها لما نقرأ إن كنا نقرأ؟ فإن الإجابة عن هذه السؤال
تبرز مدى أهمية التربية لدينا، ومدى ثقافتنا التربوية.

ب : استثمار اللقاءات العائلية؛ من خلال النقاش فيها عن أمور
التربية، والاستفادة من آراء الأمهات الأخريات وتجاربهن في
التربية، أما الحديث الذي يدور كثيراً في مجالسنا في انتقاد
الأطفال، وأنهم كثيرو العبث ويجلبون العناء لأهلهم، وتبادل
الهموم في ذلك فإنه حديث غير مفيد، بل هو مخادعة لأنفسنا
وإشعار لها بأن المشكلة ليست لدينا وإنما هي لدى أولادنا.

لم لانكون صرحاء مع أنفسنا ونتحدث عن أخطائنا نحن؟ وإذا كان
هذا واقع أولادنا فهو نتاج تربيتنا نحن، ولم يتول تربيتهم غيرنا،
وفشلنا في تقويمهم فشل لنا وليس فشلاً لهم.

ج: الاستفادة من التجارب، إن من أهم مايزيد الخبرة التربوية
الاستفادة من التجارب والأخطاء التي تمر بالشخص، فالأخطاء
التي وقعتِ فهيا مع الطفل الأول تتجنبينها مع الطفل الثاني،
والأخطاء التي وقعتِ فيها مع الطفل الثاني تتجنبينها مع الطفل
الثالث، وهكذا تشعرين أنك ما دمت تتعاملين مع الأطفال فأنت
في رقي وتطور.

الأدوار التربوية المناطة بالمرأة الأم:
- تبني مسؤولية التربية: لا تستطيع المرأة أن تؤدي دورها التربوي ما
لم تتبنَّ تلك القضية وجدانياً من خلال حملها لهمّ التربية، ويقينها
التام بدورها في إعداد الفرد، وانعكاس ذلك على صلاحه وصلاح الأمة، ثم
سعيها الدؤوب نحو تزويد من تعول تربوياً بما صح وتأكد من مغانم تربوية
كسبتها من خلال ما نالته في رقيها التربوي الإسلامي
"
إن التطبيقات الضرورية لهذا الدور التربوي الهام تتضح من خلال عدد من
الإجراءات منها:
1 - تربية ايمانية
* تربية الأبناء على حب الله ورسوله، ربط قلوبهم بالله ومراقبته في كل
تصرفاتهم، ويكون ذلك منذ طفولتهم المبكرة؛ إذ يُعلَّمون النطق
بالشهادتين، ويُوجَّهون إلى إرجاع كل نعمة إلى الله وحده، وحينما تشب
أعوادهم يُعوَّدون على حب الله ورسوله ودفاعهم عنها ويفهمون مهمة المسلم فى الحياة؛ فيتأكد لدى الطفل أنه لأجل الإيمان بالله وعبادته خُلق؛
فيعيش تأكيداً لمعاني ذلك الإيمان محققاً العبودية لله وحده ويموت دفاعاً عنها.
.ويندرج ضمن هذه التربية تعويد الطفل منذ مرحلة تمييزه على الأداء
الصحيح للعبادات؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم : "مروا صبيانكم بالصلاة
إذا بلغوا سبعاً، واضربوهم عليها إذا بلغوا عشراً، وفرِّقوا بينهم في
المضاجع".
على الأم أن تُعوِّد الأطفال على الطاعات كالصلاة والصيام وقراءة
القرآن، وتحذرهم من ارتكاب المعاصي كالكذب والسرقة والخيانة والغش.

ثانياً: التربية الجسمية:تبدأ تلك التربية منذ وقت مبكر حين تركز
المرأة عنايتها بما خُلق في رحمها من خلال اهتمامها بالتغذية والراحة،
ثم تستمر تلك التربية بعد الولادة حين يضع المنهج الإسلامي مسألة
الرضاعة وتغذية الرضيع من المسائل الأساسية التي تُكلَّف بها المرأة.
قال الله تعالى : والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن
يتم الرضاعة {البقرة: 233}.
ولكي تمارس الأم ذلك الدور لا بد أن يكون لديها وعي تام بأهمية هذا
الجانب التربوي المعتمد على الثقافة الصحية المتوازية مع التطبيق
العملي لهذه الثقافة.

ثالثاً: التربية السلوكية:بتأكيد أهمية البيت في تبني السلوكيات الطيبة
تتضح مسؤولية ما تقوم به المرأة في تفعيل دورها العظيم في زرع هذه
السلوكيات، وقلع أي سلوك سيئ ينشأ في حديقتها التربوية حيث رعيتها
الصغيرة، وتهذيب أي سلوك ينشأ منحرفاً عن مساره.وفي مقابل غرس
السلوكيات الحسنة كان إهمال أي سلوك يأخذه الطفل من البيئة المحيطة
يعني تشرُّبه السلوكيات الخاطئة واستنكاره أي نصيحة مقومة لـه. وغالباً
ما يأتي الإهمال من قِبَل الوالدين جميعاً أو باتكال أحدهما على الآخر،
أو كما قال ابن القيم: "وكم ممن أشقى ولده وفلذة كبده في الدنيا
والآخرة بإهماله، وترك تأديبه، وإعانته على شهواته، ويزعم أنه يكرمه
وقد أهانه، وأنه يرحمه وقد ظلمه، ففاته انتفاعه بولده، وفوَّت عليه حظه
في الدنيا والآخرة. إن مهام المرأة في ذلك الدور كما هو في جميع مهامها
التربوية لا بد أن يسير بمشاركة الوالد تدعيماً وعوناً، وفيما يخص
مهمته التربوية؛ فإن تعاضد المرأة والرجل في بذر السلوك الحسن وتكوين
القدوة الصالحة له أنجع الأمور للوصول إلى نتائج سريعة ومثمرة، ولأن
المربين قد أدركوا أن من ضمن الأسس التي ترتكز عليها المنهجية التربوية
الإسلامية في التربية هو إيجاد القدوة الحسنة؛ فقد حرصوا على ذلك الأمر
من منطلق أن الطفل يبدأ إدراكه بمحاكاة ذويه ومن حوله حتى يتطبع
بطبائعهم وسلوكياتهم وأخلاقهم.

رابعاً: التربية النفسية:تعتمد تلك المهمة على إقرار حقيقة في الصحة
النفسية هي أن العطف والحنان بلا إفراط ولا تفريط هما أساس الصحة
النفسية لدى الأفراد؛ فينشأ الأطفال ويشب النشء وهم مترفلون بهذه
الصحة؛ ولهذا فقد مدح الرسول صلى الله عليه وسلم صفة الحنان في نساء
قريش بقوله: "صالح نساء قريش، أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على زوج
في ذات يده".وهذه التربية النفسية لا تتأتى فقط بما تمنحه الأم من
رعاية وحنان وعطف جُبلت النساء عليه، وإنما لا بد من تعاضد الوالدين
جميعاً في تهيئة البيئة المنزلية لتكون بيئة صالحة هادئة ينشأ فيها
الطفل متزناً واثقاً من نفسه؛ إذ ثبت أن الحياة العائلية المضطربة
والمشاحنات بين أفراد الأسرة وبخاصة قطبيها الأب والأم يؤثران بشكل
ملحوظ على تكوين شخصية مضطربة تنفر من الحياة وتكرهها، وثبت أيضاً أن
أغلب الأمراض الخُلُقية مثل الأنانية والفوضى وفقدان الثقة بالنفس وعدم
الإحساس بالمسؤولية والنفاق إنما تبذر بذرتها الأولى في المنازل، وأن
من الصعوبة على المدرسة والمجتمع استئصال تلك الأمراض إذا تزمَّنت
وتمكنت في نفس النشء أو الأطفال.
ولهذا أيضاً كانت المنهجية التربوية الإسلامية تعتمد على مراقبة سلوك
الطفل وتصرفاته وتوجيهه في حينه إلى التعديل المناسب لذلك السلوك مهما
كان ذلك السلوك حقيراً أو عظيماً
و من المهام التربوية:
1 - حفظ الطفل من قرناء السوء.
2 - أن تمارس المرأة مهمتها بإخلاص في غرس الفضائل والعناية بالواجبات،
وتعويد الصغار على معالي الأمور.
3 - ربط النشء بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة، وتعليقهم بما
تشمله سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وتراجم الصحابة من علو ورفعة
وعزة.
4 - أن تضع المرأة شعاراً تطبقه في تربية من تعول تعتمد على تفعيل حديث
الرسول صلى الله عليه وسلم : "اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة
تمحها، وخالِقِ الناس بخُلق حسن".