الجمعة، 17 أبريل 2009

الأب القدوة

الأب القدوة
القدوة لغة:هي الاسم من الاقتداء، وكلاهما مأخوذ من مادة (ق د و) التي تدل على اقتياس بالشيء واهتداء. قال الجوهري: القدوة :الأسوة، يقال: فلان قدوة يقتدى به،.. قال ابن الأعرابي: القدوة التقدم، يقال: فلان لا يقاديه أحد، ولا يماديه أحد، ولا يباريه أحد، ولا يجاريه أحد، وذلك إذا برز في الخلال كلها
القدوة إصلاحا: قال المناوي: القدوة هي الاقتداء بالغير ومتابعته والتأسي به..... والإقتداء هو أن تقتفي خطّ السير بأن تقلّد الآخرين الذين تحبّهم ، وتثق بهم ، وتعتقد أن ما يقومون به هو الصواب
وقال الشنقيطي في أضواء البيان: الأسوة كالقدوة، وهي اتباع الغير على الحالة التي يكون عليها حسنة أو قبيحة
. إذن القدوة الحسنة. هو: ذلك الشخص الذي اجتمعت لديه الصفات الحسنة كلها، لكن هذا لا يمنع من القول أن فلاناً قدوة في صفة معينة ويكون ممن ينقص حظه في أمور أخرى، فيقال ـ مثلا ـ فلان قدوة في البذل والتضحية ولكنه لا يتصف بالعلم مثلاً، ويقال إن فلاناً قدوة في طلب العلم دون الشجاعة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والموفق من ضرب من كل خير بسهم فيكون له باع في كل فضيلة وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

مقدمة وتمهيد
1( القدوة الحية هي أصل التربية والسلوك)
التربية هي الحياة بكل تفاصيلها، وبكل أشخاصها، وبكل مؤسساتها، والحياة تعني وجود الإنسان من يوم أن ظهر على الأرض وإلى أن يغادرها، فهي تبدأ مع الإنسان في شهادة الميلاد، وتنتهي مع الإنسان بشهادة الدفن.
و التربية ليست أمرا مقصورا على وجود الإنسان في منزله، أو بيته، ولا وجوده في مدرسته، ولا وجوده في حارته أو في حيه أو مسجده بل هي وجود الإنسان في الحياة كلها بكل مؤسساتها من بيت ومدرسة ومسجد وإعلام وصحة وغير ذلك، وإذا أدركنا هذا أدركنا أنه لا يمكن أن يستقل جهاز من الأجهزة أو مؤسسة من المؤسسات بتربية الإنسان، فإن الإنسان كائن مؤثر متأثر، ولا يمكن أن نستهين بشيء يواجه الإنسان
بالتربية يرتقي الإنسان حتى يصبح أهلا لرؤية الله تعالى في الجنة، وبنقص التربية أو تضييعها ينحط حتى يصبح حطبا لجهنم والعياذ بالله ؟
. ذكر الاستاذ محمد قطب وسائل التربية فى كتاب منهج التربية الاسلامية أساليب التربية فجعل على رأسها التربية بالقدوة لكون الإنسان بطبيعته يحتاج إلى نموذج تطبيقي حي أمامه حتى يتصور الخلق المعين والسلوك الموجه فيصدق به ويتمثله في حياته لذلك أرسل الله _تعالى_ المرسلين وأمرنا بالاقتداء بهم فقال _سبحانه_: " أولئك الذين هداهم الله فبهداهم اقتده " وقال عن النبي _صلى الله عليه وسلم_: " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر..." ولذلك قالوا: إن أسهل وسائل التربية هو ذلك الذي يقوم على صناعة القدوة
إن حاجة الناس إلى القدوة نابعة من غريزة تكمن في النفس البشرية أجمع هي التقليد هى رغبة ملحة تدفع الطفل والمرءوس والضعيف إلي محاكاة الأب والقوى والرئيس كما تدفع غريزة الأنقياد في القطيع جميع افراده إلي اتباع قائده واقتفاء أثره،ولكن هذا التقليد الغريزى يرتقى بارتقاء المجتمع حتي يبلغ –في التربية الاسلامية - ذروته من الوعى والسمو والهدف النبيل
إن القضية الكبرى التي يجب أن نرفع شعارها ونتحدث عنها ونملئ بها مجالسنا هي قضية الإنسان القدوة التي لا يمكن أن تتحقق التربية إلا بوجودها
2 . (مرحلة الطفولة مهمة جداً في توجيه الولد وتأديبه)
الأسرة هي المحضن الطبيعي الذي يتولى حماية الفراخ الناشئة ورعايتها، وتنمية أجسادها وأرواحها، وفي ظله تتلقى مشاعر الحب والرحمة والتكافل... والطفل الإنسان هو أطول الأحياء طفولة، تمتد طفولته أكثر من أي طفل آخر للأحياء الأخرى، وذلك أن مرحلة الطفولة، هي فترة إعداد وتهيؤ وتدريب، للدور المطلوب من كل حي باقي حياته
ولما كانت وظيفة الإنسان هي أكبر وظيفة، ودوره في الأرض هو أضخم دور، امتدت طفولته فترة أطول، ليحسن إعداده وتدريبه للمستقبل، من ثم كانت حاجته لملازمة أبويه أشد من حاجة أي طفل لحيوان آخر، وكانت الأسرة المستقرة الهادئة ألزم للنظام الإنساني وألصق بفطرة الإنسان تكوينه ودوره في هذه الحياة.وقد أثبتت التجارب العلمية أن أي جهاز آخر غير الأسرة، لا يعوض عنها، ولا يقوم مقامها، بل لا يخلو من أضرار مفسدة، لتكوين الطفل وتربيته ..." [في ظلال القرآن 2/234-235
3. (ا لتربية مسئولية مشتركة تقتضي التعاون والتفاهم)
التربية مسئولية الأب والأم وأول إثنين تنعكس مسئولية التربية عليهما هما الأب والأم ويخطئ مَنْ يتصوّر أنّ الأب قدوة لابنه فقط ، وأنّ الأم قدوة لابنتها فقط ، فكلاهما قدوة لأبنائهما وبناتهما . نعم ، قد تكون بصمات الأم على شخصية ابنتها أكثر لكونهما من جنس واحد ، كما أنّ بصمات الأب أوضح وأصرح على الابن لاتحادهما في الجنس ، لكن ذلك ليس قاعدة ثابتة صارمة ، فقد يتأثر الابن بأمّه أكثر من أبيه ، وقد تتأثر الفتاة بأبيها أكثر من أمّها ، حتى أنّ العرب كانت تقول : «كلّ فتاة بأبيها معجبة» وإعجابها يدعوها للإقتداء به وتمثّل سيرته .
وقد يتأثّران بأحد الوالدين أو بكليهما ، فأنت حينما تتصفّح حياة وسيرة الرجال والنساء من المبدعين والمبدعات ، ترى هذا التأثير المتبادل أو الذي لا جنسية له ، فكم من النابغات كان أبوها قدوتها ، وكم من البارعين من كانت أمّه قدوته ، وثمة صنف ثالث أخذ من هذا وهذه .
وهذا يعني أنّ المهم هو أن يكون الوالدان أحدهما أو كلاهما في موقع القدوة والتأسّي ، فإنّ توفّر قدوتين في البيت أو الأسرة سيكون له مردود أكبر من القدوة الواحدة ، وانعدام القدوة تماماً سيكون له آثار سيِّئة على الأبناء والبنات .
فالقدوة الوالدية يتجلّى أثرها في حياتنا منذ نعومة أظفارنا ، لأ نّهما أوّل معلّمين في حياة كلّ فتاة وفتى ، والقدوتان اللتان يبقى صدى تأثيرهما يرنّ مدى العمر .

4( المفهوم الصحيح للتربية)
البعض يعتقد أن تربية الأبناء هى الأكل والشرب وإذا ذهب الإبن إلى المدرسة ونجح فى الإمتحانات يبقى متربى فيقول الأب مثلاً :أنا عندى 4 اولاد ربيتهم أحسن تربية واحد مهندس والثانى محامى والثالثة متزوجة من رجل أعمال ناجح والابع مهندس كمبيوتر شاطر هو أستخدم كلمة تربية فى التعليم . من قال أن هذا هو مفهوم التربية ؟ المفهوم الصحيح هو الارتقاء بالأخلاق وتنمية القدرات وحين تقول أنا ربيت فلانا فمعناه انك ارتقيت بحسه وذوقه وأخلاقه ومعاملاته وقمت بتهذيب طباعه فى الوقت نفسه ربيته ..نوع آخر من التربية سواء بتنمية قدراته البدنية أو العقلية وأخرجت المهارات المختفية بداخله . المفهوم الربانى للتربية آباء كثيرون مفهوم التربية عندهم معكوس ينحصرفى الإنفاق والتعليم .. فى حين أن القرآن الكريم يحرص على أن يسبق التعليم بالتربية .ويذكر كلمة التزكية بدلا من كلمة التربية .يقول الله سبحانه وتعالى : "كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة" هذا هو المفهوم القرآنى للتربية وقد وردت هذه الآية وتكررت أربع مرات فى القرآن الكريم منها ثلاث مرات بنفس الترتيب ومرة واحدة على لسان سيدنا إبراهيم ,كان يظن أن العلم قبل التزكية فكرر الله سبحانة وتعالى الآيه ثلاث مرات بالترتيب الصحيح وهو أن التزكية قبل التعليم فالله تبارك وتعالى هو الذى يربى عباده حتى كلمة الرب اشتقت منها كلمة تربية ربانية لذلك أعجب من الذين حفظوا القرآن ولم يتربوا منه .
الاب القدوة...... لماذا؟
1-القدوة الحسنة أفضل وسيلة لغرس القيم الإسلامية فى نفوس الأبناء
إن أهم رسالة للبيت المسلم هي تربية الأولاد التربية الصحيحة ولا تربية إلا بتحقيق القدوة الحسنة في الوالدين .القدوة في العبادات والأخلاق القدوة في الأقوال والأعمال القدوة في المخبر والمظهر
2- مسئولية وأمانة يسئل عنها الوالد يوم القيامة (كلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته، فالرجل فى بيته راع ومسئول عن رعيته) والمسئولية هنا كاملة لا تقتصر على تغذية وستر الأبدان بل وتغذية العقول وتقويم السلوك وليس بمجرد الأقوال فقط بل بحسن الفعل فذلك أدعى للامتثال والالتزام والاقتناع من قبل الأبناء بكل ما يرشدهم إليه الوالدان
ولرب الأسرة أهمية بالغة فى حياة أسرته وقد صور الإسلام رب الأسرة وموقعه من أسرته أحكم تصوير قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:[ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا...]رواه البخاري ومسلم وأبوداود والترمذي وأحمد . وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:[مَا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً فَلَمْ يَحُطْهَا بِنَصِيحَةٍ إِلَّا لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ] رواه البخاري ومسلم وأحمد وفي رواية:[ مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ]رواه البخاري ومسلم وأحمد.وقال تعالى:} يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ(6) [سورة التحريم [وكما فى المأثور (الشيخ فى أهله كالنبى فى أمته أو قيل فى قومه)
إن عليه أن يرشدهم السبيل الصحيح ويحثهم على الالتزام بكل ما أمر به المولى.. والحقيقة أن قوامة الرجل فى بيته وتربية الأم لأبنائها يجب أن يتحقق فيها معنى القدوة التى يجب أن تقوم على الصدق والأمانة والمثابرة والمتابعة.
3- الأب هو القدوة التي يتأثر بها الطفل في سنواته الأولى، ثم المعلم بعد ذلك، فإن مسؤولية الأسرة تأتي في المقدمة ثم تليها المدرسة ، فلابد أن يقترن سلوك الآباء والمعلمين بأعمالهم، فلا نستطيع أن نرسخ التربية الإسلامية الصحيحة ونستفيد منها في حماية النشء من الانحلال أو الانحراف أو الغلو، ما لم يكن سلوكنا نحن الكبار مرآة لهذه التربية، ففاقد الشيء لا يعطيهوكما نكون ينشأ أبناؤنا.. فالأب الذي لا يقرأ القرآن كيف يربي ابنه على آدابه وتعاليمه؟ وهكذا
ولذلك قال الحسن البصري: عمل رجل في ألف رجل خير من قول ألف رجل في رجل
4- القدوة الوالدية أيّاً كانت ـ أمّاً أو أباً ـ لها ميزاتها الخاصّة :
أ . فهي الأعمق تأثيراً وبقاء في نفوسنا وبناء شخصياتنا .
ب . تأثيرها يمتد مع الحياة ، فبعض بصمات هاتين القدوتين تبقى محفورة لا تقدر يد الأيام على محوها . فـ «العلم في الصغر كالنقش في الحجر».
ج . هي قدوة ملازمة لا تفارقنا ، وكأنّها جزء لا يتجزّأ منّا .
د . هي قدوة حريصة مخلصة وتريد لنا الخير وتطمح إلى أن نكون أفضل منها ، وأن لا نكتفي بمجاراتها فقط .
هـ . هي قدوة تلقائية تقدّم النموذج الحيّ المباشر من نفسها ، في كلّ كلمةِ حبٍّ وصدق ، وحركة عطف وحنان ، وموقف تضحية وإيثار .
و. وليس ضرورياً أن تكون القدوة الوالدية قدوة حائزة على شهادة دراسية معيّنة ، فهي بما أوتيت من خزين عاطفي كبير ، ورغبة صميمية جامعة في الإسعاد ، تحاول أقصى جهدها في أن تقدّم المثال الصالح لأبنائها وبناتها .
فربّ أب فلاّح مكافح لا يجيد القراءة والكتابة ، لكنّه إنسان نبيل كريم الطباع ، حميد الخصال والسجايا ، يعرف بالتجربة ما هو الخبث وما هو الطيبة ، وأين الاستقامة وأين الإعوجاج ، هو قدوة صالحة قد لا نستفيد منها في تعليمنا القراءة والكتابة ، لكنّها بالتأكيد أفضل من أب متعلِّم لكنّه منصرف عن أبنائه وبناته .
وربّ أمّ أميّة ، لكنّها قرأت كتاب الحياة من خلال تجربتها الحياتية والزوجية بعينين مفتوحتين ، فقدّمت لأبنائها وبناتها نموذجاً يحتذى من الإخلاص والوفاء ونكران الذات .
غير أنّ هذا لا يقلل إطلاقاً من أهميّة الأب المثقف والأم المتعلّمة كقدوتين ، بل بالعكس ، فإنّ القدوة الوالدية المثقفة تترك أثراً أكبر في نفوس وأذهان ذريتهما من الأبناء والبنات .
صفات الاب القدوة:

1- وضوح الاهداف: الفرد المسلم الأسرة المسلمة المجتمع المسلم......
(من أهداف الأسرة المسلمة:تربية الأبناء ايمانيا واخلاقيا وسلوكيا وإجتماعيا وعلميا وصحيا وذاتيا وفكريا ورياضيا وتنمويا ومهاريا من خلال التاثير العفوى غير المقصود أوالمقصود للاب القدوة).

2 الإخلاص: لا يمكن للاب القدوة أن يؤثر في ابنائه ما لم يكن مخلصاً لله عز وجل،
3_العمل الصالح
إن الفعل أبلغ من القول، وفعل رجل في ألف رجل خير من قول ألف رجل في رجل، فالقول والعمل أهم من القول المجرد.. وكثير من يتكلم ولكن قليل من يفعل يقول الأستاذ محمد قطب في منهج التربية الإسلامية: " القدوة الصالحة من أعظم المعينات على تكوين العادات الطيبة حتى إنها لتيسر معظم الجهد في كثير من الحالات ذلك أن الابن يحب المحاكاة من تلقاء نفسه وأطفال المسلمين يحاكون أبويهم في الصلاة حتى قبل أن يتعلموا النطق ويصبح تعويدهم عليها أمراً سهلاً في الموعد المحدد"ولعل من بركة توجيهاته -صلى الله عليه وسلم- لصلاة النوافل في البيوت وألا يجعلها الناس قبوراً فضل كبير الأثر في إقتداء الأولاد بذلك، فقد روى أبو داود أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: "خير صلاة الرجل في بيته إلا الصلاة المكتوبة" وقال: " تطوع الرجل في بيته يزيد عن تطوعه عند الناس كفضل صلاة الرجل في جماعة على صلاته وحده " صحيح الجامع. والأبناء في استقائهم الخلق وتشربهم بالسلوك لا يقنعون بالظاهر منها فحسب، بل يتعدون ذلك إلى مستويات أعمق بكثير مما يظن الآباء.فالأب يعيش في بيته على طبيعته بغير تكلف، وهو الأمر الذي يجعله يتصرف بما وقر في حقيقته وداخليته والولد يقلد أباه فيما رآه منه على الحقيقة لا على التكلف والأبناء يلحظون الصغير الدقيق من السلوك والأخلاق كما يلحظون كبيرها وتؤثر فيهم صغائر الأحوال كما تؤثر فيهم كبائر الوقائع.
إن الوالدين مسئولان عن أبنائهما منذ الصغر حتى يشب الواحد منهم مطيعا لله عز وجل محسنا فى سلوكه وتصرفاته تجاه الآخرين. والوالدان عليهما أن يحرصا على تقديم القدوة الحسنة لطفلهما فلا يصح أن ينهيا أبناءهما عن سلوك ويرتكباه هما
4-الصدق في القول والعمل
من الأسس التربوية وهى فى نفس الوقت من أسس أحكام الشريعة الإسلامية أن يكون الأب صادقا فى تصرفاته وأقواله وكافة سلوكياته مع نفسه أولا، ومع الناس عندما يتعامل معهم.
وكما ذكرنا فان هذا الأمر ليس تربويا فقط، إنما هو مطلب دينى والوالدان مسئولان عن التنشئة الصالحة لأبنائهما، فإذا أحسنا تربيتهم بقصد تهيئة الفرصة لهم لإتباع الطريق المستقيم فى معاملتهم مع الله ومع الناس كان لهما ثواب من الله على هذه النية، وهذا القصد وهذا العمل التربوى، وإذا تهاونا فى التربية الصحيحة لأبنائهما.
ومن ذلك التهاون حدوث التناقض بين الأقوال والأفعال فان ذلك يشكل معصية لله سبحانه، ذلك لان التقصير هنا يؤدى إلى فتح أبواب الانحرافات بصورها وألوانها المختلفة والمتعددة ولعل أكثرها شيوعا هو ترسيخ صفة الكذب عند الأبناء حتى لا يشعروا بأية غضاضة عند ممارستها والكذب كما هو معروف من أقبح الصفات التى نهت عنها الشريعة الإسلامية. على الوالدين أيضا أن يقوما بوضع حد فاصل للقيم فالكذب هو الكذب ولا توجد له درجات أو ألوان أو مبررات، والأمانة أمرلا بديل عنه تحت أية أو ضغوط واحترام الكبير وبره واجب، والتفوه بالألفاظ السيئة مرفوض مع توضيح أهمية التزام الإنسان بالسلوك الحسن الطيب وكيف يقربه ذلك من المولى عز وجل.
يقول تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين}،
ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (عليكم بالصدق فان الصدق يهدى إلى البر وان البر يهدى إلى الجنة ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا، وإياكم والكذب فان الكذب يهدى الى الفجور ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا) وهو الصادق في وعده وعهده فعن عبد الله بن أبى الخنساء قال بايعت(من البيع) النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث وبقيت له بقية فواعدته أن آتيه بها في مكانه ذلك فنسيت يومي والغد فأتيته اليوم الثالث وهو في مكانه فقال (يا فتى لقد شققت علىّ أنا ههنا منذ ثلاث انتظرك) رواه أبو داود
ولقد حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدق فى كل الأمور حتى وان بدت بسيطة.
فقد دخل صلى الله عليه وسلم على امرأة وهى تقول لولدها هات (خذ) فقال: أتعطيه؟ فقالت: لا.. قال: لو لم تعطه فإنها كذبة
5-إقتران القول بالعمل وتطابق القول والفعل
،،،،، نبهت الشريعة الإسلامية إلى أن نشأة الأطفال فى أسر متوازنة مستقرة أهم عامل فى التربية السليمة ويتأتى هذا من تطابق القول والفعل وتوافق إرشاد الوالدين لأبنائهما مع السلوك الذى يقومان به فليس من المعقول أن يتفوها بالألفاظ القبيحة وينهيا أبناءهما عنها أو عن ارتكاب العادات القبيحة وهما يفعلانها وهذا كله محرم شرعا وداخل تحت قول المولى عز وجل: {لم تقولون مالا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون}، وقوله سبحانه: ، {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم}.... فالقدوة الصالحة تقول خيراً وتعمل خيراً ، فلا تجد تناقضاً بين منطقها وسلوكها ، ولذلك كان الأنبياء قدوات صالحة لأ نّك تجد انسجاماً واضحاً بين ما يقولون وبين ما يجسّدون من تلك الأقوال ، وهذا ما دعا القرآن إلى اعتبار التناقض أمراً ممقوتاً عند الله (يا أ يُّها الذين آمنوا لِمَ تقولون ما لا تفعلون * كبُر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون )(
[6]) .
،،،،،،فى مرحلة الطفولة المبكرة دائما ما يقوم الطفل بعقد مقارنة بين ما يقال له من قبل والديه وبين سلوكهما الفعلى فإذا لاحظ الطفل وجود تناقض بين ما يقال له وما يفعل فإنه يصاب بحالة من الاضطراب النفسى والتمزق ويفقد كذلك القدرة على التمييز بين ما هو صحيح وما هو خطأ.
ومن هنا فإن على الوالدين مراعاة اتفاق أقوالهما مع أفعالهما خاصة فى هذا العصر الذى يتسم فيه الطفل بنسبة ذكاء عالية جدا تمكنه من الملاحظة الدقيقة وعقد مقارنة بين الأقوال والأفعال ومدى التطابق بينهما ثم يقوم من خلال النتائج التى يصل إليها بعمل نموذج خاص به للمثل والأخلاقيات التى ومن المعروف أن الطفل ينشأ متأثرا بما يدور حوله من أقوال وأفعال وتصرفات فإذا رأى التناقض من قبل من يتولون تربيته فقد الثقة فيهم فى كثير من الأحيان، ولهذا فإن الوالدين عليهما تقديم القدوة الحسنة، حيث إن سلوكهما عنوان ما يراد غرسه فى نفوس أبنائهما، فإذا كان السلوك من قبلهما مستقيما مطابقا لنصائحهما وإرشادهما أدى ذلك إلى تحقيق الهدف المطلوب من التربية السليمة للأبناء.
أما إذا كان هناك تناقض بين النصائح التى تقدم للأبناء وما يحدث فى الواقع من أفعال فلا يجب عليهما أن ينتظرا الثمرة المرجوة من تربية أبنائهما.
الأب الذى يطلب من ابنه ان يقول لمن اتصل به تليفونياً إنه غير موجود يعلم ابنه الكذب والابن الذى يرى أباه يزور فى الورق للحصول على مصلحة معينة يبدأ بالغش فى الإمتحان .
6- التوازن بين الحزم واللين
ألأب الناجح هو الأب الرحيم العطوف بأبنائه وأسرته الذي يمنحهم الحب والعطف والحنان ويشملهم برعايته ويحتويهم بقلبه الكبير ويشعرون معه بالسعادة والآمان. والأب القاسي هو المتسبب الأول في الأمراض النفسية لدى أبنائه والمشجع الأول على الأمراض القلبية لهم من غل وحقد وحسد وحب ذات وغيره .وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- خير قدوة في رحمته وعطفه وملاطفته الصغار وملاعبتهم والتبسط معهم والتحبب إليهم وعدم العبوس في وجوههم، فقد روى مسلم عن عبد الله بن جعفر: " كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحمل أحدنا بين يديه والآخر خلفه حتى يدخلنا المدينة ".وروى ابن ماجة عن يعلى بن مرة "خرجنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ودعينا إلى طعام فإذا حسين يفر ههنا وههنا ويضاحكه النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى أخذه فجعل إحدى يديه تحت ذقنه والأخرى في فأس رأسه فقبله ".وروى الشيخان قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: " إني لأدخل في الصلاة وأنا أريد إطالتها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي مما أعلم من وجد أمه من بكائه ".ومن الآباء من لا يراعى الرحمة مع أبنائه ولا الرقة في معاملتهم فيكون أشد عليهم من الغرباء فيترك في أنفسهم جروحاً غائرة لا تزول ولا بمرور السنين روى البخاري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل الحسن وعنده الأقرع بن حابس، فقال الأقرع: إن عندي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحداً فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من لا يَرحم لا يُرحم" وقد قال الله _سبحانه_: "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ" (آل عمران: من الآية159).ومن يك حازماً فليقسُ أحياناً على من يرحم: روى مسلم عن رسول الله _صلى الله عليه وسلم- قوله: "إن الله يحب الرفق ويعطى على الرفق مالا يعطى على العنف ومالا يعطى على سواه ".وقال _صلى الله عليه وسلم_: " إن الله إذا أحب أهل بيت أدخل عليهم الرفق " صحيح الجامع.ولكن ليس معنى الرفق والحب والرحمة أن يتهاون الأب مع أولاده في مواطن الحزم فوضع السيف موضع الندى مضر كوضع الندى موضع السيف، والحكمة فعل ما ينبغي كما ينبغي في الوقت الذي ينبغي على الوجه الذي ينبغي، ولا يمكن أن يرى الأب ابنه يفعل السيئات أو المخالفات وبدعوى الحكمة و الرحمة والرفق يتركه أو يقره على ما هو عليه، ولكن الحزم والحكمة تستدعي من كل أب أن يقف مع ولده وقفة حازمة قوية يضع له فيها الحدود ويبين له القواعد التي ينبغي ألا يحيد عنها وليعلم كل أب أن وقفاته مع ولده لا تنسى ولكنها تحفر في ذهن الولد فإن وجد فيما يستقبل من عمره قدوة صالحة من أبيه زاد ترسخها وصارت خلقاً ثابتاً فيه وصفة أكيدة من صفاته.
- الصدق والاعتدال في الجد والدعابة: 7
فلابد أن تحرص على أن تجالس الأولاد وأن تقضي بعض أوقات الفراغ معهم وتحرص على مداعبة الصغار وملاطفتهم
خلال اللعب من الحرص على مشاركة الأطفال في لعبهم ولو في بعض الأحايين وتوجيه الأخطاء من وهذا أفضل وسائل التوجيه ويتوسط في هذا الأمر فلا إفراط ولا تفريط،
رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع في فمه قليلا من الماء البارد، ويمجه في وجه الحسن، فيضحك فقد كان
. وكان صلى الله عليه وسلم يمازح الحسن والحسين، ويجلس معهما ويركبهما على ظهره
وكان صلى الله عليه وسلم يخطب مرة الجمعة، فإذا بالحسن يتخطى الناس، ويتعثر في ثوبه الطويل
فينزل صلى الله عليه وسلم من منبره، فيرفع الحسن معه
وحتى في أوقات الدعابة والمرح حيث يتخفف الكثيرون من قواعد الانضباط كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادق في مزاحه فعن أبى هريرة قال (قالوا يا رسول الله إنك تداعبنا قال إني لا أقول إلا حقا) رواه الترمذى.
بر الوالدين 9 - تحرى الحلال من الرزق -8
- النجاح فى عمله المهنى 10
أخطار غياب دور الأب القدوة:( القدوة السيئة)
1- تدمير القيم
يقول الأستاذ محمد قطب وفقه الله: "ومرة واحدة من القدوة السيئة تكفي، مرة واحدة يجد أمه تكذب على أبيه، وأباه يكذب على أمه، أو أحدهما يكذب على الجيران .. مرة واحدة تكفي في تدمّر قيمة الصدق في نفسه، ولو أخذ كل يوم وساعة يرددان على سمعه النصائح والمواعظ والتوصيات بالصدق، مرة واحدة يجد أمه وأباه يغش أحدهما الآخر، أو يغشان الناس في قول أو فعل .. مرة واحدة كفيلة بأن تدمر قيمة الاستقامة في نفسه، ولو انهالت على سمعه التعليمات، مرة واحدة يجد في هؤلاء المقربين إليه نموذجاً من السرقة كفيلة بأن تدمر في نفسه قيمة الأمانة، وهكذا في كل القيم والمبادئ التي تقوم عليها الحياة الإنسانية السوية.وقد يغفر الطفل للآخرين أن يكذبوا ويخدعوا ويسرقوا ويغشوا ويخونوا ... أو لا يتأثر به كثيراً، أو لا يتأثر به على الإطلاق، إذا كان يأوي إلى ركن ركين من القيم والمبادئ متمثلة في أبويه، وخاصة حين يبيّن له أبواه بالقدر الكافي من الإبانة والتوضيح أن تلك نماذج سيئة لا ينبغي له أن يحاكيها، مستندين إلى النموذج الطيب الذي يقدمانه هما لطفلهما. ولكنه لا يغفر لأبويه أبداً شيئاً من ذلك، ولا يمكن أن يمر شيء منه بغير تأثر عميق في نفسه، وقد يبقى بقية العمر كله لا يتغير
2- اتخاذ قدوات بديلة من الإعلام (كالممثلين ولاعبي الكرة) أو الأصدقاء
فالإعلام قد يقدم مثلا الفنان على أنه قدوة. أو يقدم اللاعب على أنه قدوة، أو يقدم الوجيه والثري على أنه قدوة أو يقدم الشخصيات المرموقة اجتماعيا بغض النظر عن كفاءتها وبغض النظر عن موقعها في دين الله عز وجل، وبغض النظر عن التزامها في السلوك والأخلاق. لهذا أنت لو أمسكت بأصغر طفل وقلت لهماذا تتمنى أن تكون؟ما كان له إلا أن ينطق بأولئك الأشخاص الذين يمدحهم المجتمع ويفرح لهم ويعظمهم ويوقرهم ويقدرهم، فهو يحب أن يكون مثلهم
(القدوة) لا تصحّ إلاّ إذا كانت صالحة ، وإنّ الإقتداء بالسيِّئين ليس إقتداءً ، وإنّما هو مجاراة ومماشاة ومحاكاة ، وهو ما حذّر الاسلام منه كثيراً لأ نّه يُفقد الانسان حريّته وكرامته وإرادته .
وربّ قائل يقول : إنّ الإقتداء بالقدوة الصالحة أيضاً يسلب المقتدي حريّته ويجعل شخصيّته ظلاًّ لشخصيات الآخرين .
إنّ الفرق بين الحالتين واضح .
فمحاكاة السيِّئين تعني الرضا والقبول بما يصنعون من أفعال مشينة وبما يتلفظون من أقوال بذيئة ، وذلك هو الإقرار بمصادرة الشخصية ، أو التنازل عنها في مقابل ثمن بخس .
أمّا تقليد الصالحين والإقتداء بهداهم فهو اختيار وليس اضطراراً ، لأ نّه سبيل من سبل التعلّم والتربية ، ولأنّ التشبّه بالكرام فلاح
3- تشتت الأسرة وفساد الاخلاق قال ابن القيم وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم لهم وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه فأضاعوهم صِغاراً فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كباراً

آثار الاب القدوة.
1- عظيم الأجر والثواب الذي يصله من تأثر الناس بفعله وقوله كما قال تعالى: {وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا} قال الحسن: (من استطاع منكم أن يكون إماماً لأهله، إماما لحيه، إماماً لمن وراء ذلك، فإنه ليس شيء يؤخذ عنك إلا كان لك منه نصيب). ومن دعاء الصالحين {واجعلنا للمتقين إماما} قال البخاري: أئمة نقتدي بمن قبلنا ويقتدي بنا من بعدنا.
2 - تأسي الأبناء به في هذه الأعمال.فالولد الذي يرى أباه دائم الذكر ودائم التهليل والتحميد والتسبيح والتكبير يلتقط من قوله لا إله إلا الله... وسبحان الله... والله أكبر.. وكذلك الولد الذي يرسله أبوه ليلاً بالصدقات إلى الفقراء سراً في بيوتهم والولد الذي يرى أباه يصوم الاثنين والخميس ويشهد الجمع والجماعات ويحضر المساجد..... وكذلك الولد الذي يرى أباه يقوم من الليل يُصلي ويبكي من خشية الله ويتلو القرآن لابد وأن يفكر, لماذا يبكي أبي!!! ولماذا يصلي أبي!!ولماذا يصوم أبى ؟ ولماذا يتصدق أبى ؟ ولماذا يترك أبي النوم والفراش الدافىء, ويذهب إلى الماء البارد يتوضأ به؟! لماذا يجافي جنبه عن المضجع ويدعو ربه خوفاً وطمعاً؟! كل هذه تساؤلات تدور في ذهن الابن ويفكر فيها, ويقتبس منها بإذن الله.
3- تيسير الجهد واقتراب الثمرة
وحين توجد القدوة الحسنة متمثلة في الأب المسلم والأم ذات الدين، فإن كثيراً من الجهد الذي يبذل في تنشئة الطفل على الإسلام يكون جهداً ميسراً وقريب الثمرة في ذات الوقت لأن الطفل سيتشرب القيم الإسلامية من الجو المحيط به تشرباً تلقائياً، وستكون تصرفات الأم والأب أمامه في مختلف المواقف مع بعضهما البعض ومع الآخرين، نماذج يحتذيها ويتصرف على منوالها ..." [منهاج التربية الإسلامية لمحمد قطب (2/118)
4 - صلاح المجتمع
المجتمع يتكون من مجموعة من المركبات والعربات ولكل منها قائد ؛ فكل أسرة في المجتمع هي مركبة من تلك المراكب وقائد تلك المركبة هو الأب فهو قائد إما أن يقودها إلى جنات الرضوان وإما إلى جحيم النيران، وكلما كثر من يقود أسرته إلى جنات الرضوان توجه المجتمع بأكمله إلى نفس الطريق، وكلما كثر من يقود أسرته إلى جحيم النيران توجه المجتمع بأكمله في نفس الطريق، فنقول لكل أب احذر !! فأنت إما أن تقود أسرتك إلى الهلاك الذي لا سعادة بعده.. وإما أن تقودهم إلى سعادة لا شقاء بعدها
الاب القدوة دعم لانتشار الخير؛ لأن الناس بفطرتهم يحبون محاسن الأخلاق ودرجات الكمال، وتعطيهم أملاً في الوصول للفضائل
5- تولد الاستقرار النفسي لدى الابناء


6 -كما تدين تدان
إذا كان الرجل دائم البر لأبويه قائماً بالدعاء والاستغفار لهما يتفقد أحوال والديه ويطمئن عليهما ويسد حاجتيهما ويكثر من قول "رب اغفر لي ولوالدي", ويقول دائماً "رب ارحمهما كما ربياني صغيراً"... ويزور قبريهما بعد موتهما ويكثر من الصدقة عنهما ويصل من كان الأبوان يصلاه, ويعطي من كان الأبوان يعطيانه, فإذا رأى الابن من أبويه هذه الأخلاق فإنه بإذن الله يقتبس من هذه الأخلاق, ويستغفر هو الآخر لأبويه بعد موتهما ويفعل بهما ما رآهما يفعلان مع الآباء.
7 - حسن تربية الابناء وتخرج أجيال صالحة ناجحة نفتخر بها
عوائق فى طريق الأب القدوة:
عوامل من داخل الأسرة:
- أنشغال الأب وتخليه عن تربية الابناء بالسفر أو العمل " الأب الغائب"
- غياب سلطة الأب
- الطلاق وتصدع بنيان الأسرة:غياب الام يمثل فقدان الامان، بينما فقدان الاب يمثل فقدان القدوة (وفقدان الاثنين يمثل فقدان القدرة على تكوين الضمير لدى الطفل، لأنّ تكوين الضمير عملية تقمص وامتصاص لقيم الوالدين وبدونهما يكون الطفل ضحية الاضطرابات النفسية والجنوح نتيجة ضعف تكوين الضمير اللاشعوري)
- قسوة الأب أو سوء معاملة الأبوين للابناء.
- النزاع والشقاق المستمرين بين الزوجين : من الخطأ أن يكون الصغار ضحية لمزاجية الأم أو الأب: فإذا حصل خصام، أو سوء فهم بينهما؛ صبت الأم غضبها على الصغار، أو الأب أيضًا. وهذا من الظلم الذي لا يرضاه الله، فعلى الأبوين ضبط النفس قدر الإمكان، وعدم الخصام أمام الأولاد، وإن ظهرهذا؛ فمن الظلم العظيم أن ينتقل هذا الأمر إلى الأولاد بدون سبب..
- الشعور بالحرمان من عطف الأم أو الأب
- شعور بعض الأبناء بعدم عدل الوالدين بالمشاعر وانحيازهم للبعض الآخر(كتفضيل الذكور علي الإناث
- غياب الحوار الأسري وعدم مجالسة الوالدين لابنائهما
- عدم الاتفاق علي أسلوب معين في تنشئة الأبناء ، كإثابة الأبناء من قبل الأم وعقابهم من قبل الأب في ذات الموقف ، أو تعرض الأبناء للقسوة من جانب الأب وتدليله لهم دون توجيه أو تصحيح الخطأ في نفس الموقف ، فأن ذلك يؤدي إلي أن تنمو شخصيات الأبناء غير متوافقة اجتماعياً ، وتعرضهم للعديد من مظاهر الانحراف كالفشل الدراسي وارتكاب أفعال انحرافية يعاقب عليها القانون
عوامل من خارج الأسرة:
- الخلطة الفاسدة ورفاق السوء للأبناء.
- وسائل الاتصال الحديثة
لعقود طويلة ظلت الأسرة تلعب دوراً أساسياً في تكوين مدارك الإنسان وثقافته، وتساهم في تشكيل منظومة القيم التي يتمسك بها بما فيها علاقات الآباء بالأبناء أما اليوم فقد انتقل جزء كبير من هذا الدور إلى شبكات الإنترنت والهواتف النقالة والألعاب الإلكترونية، الأمر الذي فتح الباب أمام أنماط من التواصل الافتراضي الذي حل محل الحوار والمحادثة بين أفراد الأسرة الواحدة مما ساهم في توسيع الفجوة وتكريس الصراع بين جيلي الآباء والأبناء فضلا عن ظاهرة الاستخدام السيئ لتلك التكنولوجيا والتى وصل في كثير من الحالات الى ممارسات غير أخلاقية

- فقر الأب وضيق ذات اليد
فالأب العاطل الذى لا يعمل
أوالذى يعمل ولا يجد من المال ما يسد به حاجة الأسرة، ويؤمن لهم حاجاتهم الضرورية، سيعرض بلا شك الأسرة بأفرادها الضياع والانحراف ، وربما دفع ذلك أفراد الأسرة إلى التفكير فى الحصول على المال بأية وسيلة غير شريفة أو مشروعة كالسرقة والرشوة… إلخ.


السبت، 11 أبريل 2009

دور الأم فى التربية

المرأة المسلمة هي الركيزة الأولى في بناء المجتمع المسلم ، لماذا ؟
لأنها القائمة على بناء الأسرة ، وبناء الأسرة هو أخطر بناء في كيان المجتمع ،
بل في كيان الأمة بأســـــرها ،كما قال شوقى:
الأم مدرسة إذا أعددتها000 أعددت جيلا طيب الأعراق
وكما قال محمد اسماعيل المقدم مخاطبا المرأة:
"انت نصف الأمة وأنت تلدين النصف الآخر فأنت الأمة بأسرها"
وإن تعجب فعجب من أناس يهتمون في بناء مكون من الحجارة والطين ،
ويهتمون باختيار الموقع المناسب والخامات الجيدة التي تضمن لهم سلامة البناء ،
ولا يهتمون ببناء الأسرة التي تتكون من الرجال والنساء والبنين والبنات ،
مع أن بناء الأحجار قد يتعلق بسعادة الدنيا ، وبناء الأسرة يتعلق بسعادة الدنياوالآخرة .
إن البيت المسلم قلعة من قلاع هذه العقيدة ،
والأب المسلم لايكفي وحده أبدا لتأمين هذه القلعة ،
بل لابد أيضا من الأم التي تقوم معه على تأمين هذه القلعة بالتربية للأولاد
على الآداب القرآنية والأخلاق المحمدية كما قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم : " والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسئولة عن رعيتها "
فالأم هي الحضن التربوي الطاهر الذي خرج القادة الفاتحين والعلماء العاملين
والدعاة الصادقين
الحديث عن أهمية التربية ودورها في إعداد المجتمع وحمايته
ليس هذا مكانه ولا وقته، فالجميع يدرك أن التربية ضرورة
ومطلب ملح أيًّا كان منطلقه وفلسفته التربوية، والمجتمعات كلها
بأسرها تنادي اليوم بالتربية وتعنى بالتربية والحديث عنها، ولعلنا
حين نتطلع إلى المكتبة نقرأ فيها من الكتب الغربية أكثر مما نقرأ
فيها مما صدر عن مجتمعات المسلمين، مما يدل على أن التربية
همًّا ومطلباً للجميع بغض النظر عن فلسفتهم التربوية وأولياتهم.

أهمية الأم في تربية الطفل:

تحتل الأم مكانة مهمة وأساسية في التربية،
ويبدو ذلك من خلال الأمور الآتية:

الأمر الأول: أثر الأسرة في التربية:

فالأسرة أولاً هي الدائرة الأولى من دوائر التنشئة الاجتماعية،
وهي التي تغرس لدى الطفل المعايير التي يحكم من خلالها
على ما يتلقاه فيما بعد من سائر المؤسسات في المجتمع،
فهو حينما يغدو إلى المدرسة ينظر إلى أستاذه نظرةً من خلال
ما تلقاه في البيت من تربية، وهو يختار زملاءه في المدرسة
من خلال ما نشأته عليه أسرته، ويقيِّم ما يسمع وما يرى من
مواقف تقابله في الحياة، من خلال ما غرسته لديه الأسرة،
وهنا يكمن دور الأسرة وأهميتها وخطرها في الميدان التربوي.

الأمر الثاني: الطفل يتأثر بحالة أمه وهي حامل:

تنفرد الأم بمرحلة لا يشركها فيها غيرها وهي مرحلة مهمة ولها
دور في التربية قد نغفل عنه ألا وهي مرحلة الحمل؛ فإن
الجنين وهو في بطن أمه يتأثر بمؤثرات كثيرة تعود إلى الأم، ومنها:

التغذية فالجنين على سبيل المثال يتأثر بالتغذية ونوع الغذاء
الذي تتلقاه الأم، وهو يتأثر بالأمراض التي قد تصيب أمه أثناء
الحمل، ويتأثر أيضاً حين تكون أمه تتعاطى المخدرات، وربما
أصبح مدمناً عند خروجه من بطن أمه حين تكون أمه مدمنة
للمخدرات، ومن ذلك التدخين،

فحين تكون المرأة مدخنة فإن ذلك يترك أثراً على جنينها،
ولهذا فهم في تلك المجتمعات يوصون المرأة المدخنة أن تمتنع
عن التدخين أثناء فترة الحمل أو أن تقلل منه؛ نظراً لتأثيره على
جنينها، ومن العوامل المؤثرة أيضاً: العقاقير الطبية التي تناولها
المرأة الحامل، ولهذا يسأل الطبيب المرأة كثيراً حين يصف لها
بعض الأدوية عن كونها حامل أو ليست كذلك .

وصورةً أخرى من الأمور المؤثرة وقد لا تتصوره الأمهات والآباء
هذه القضية، وهي حالة الأم الانفعالية أثناء الحمل، فقد يخرج
الطفل وهو كثير الصراخ في أوائل طفولته، وقد يخرج الطفل
وهو يتخوف كثيراً،

وذلك كله بسبب مؤثرات تلقاها من حالة أمه الانفعالية التي
كانت تعيشها وهي في حال الحمل، وحين تزيد الانفعالات الحادة
عند المرأة وتكرر فإن هذا يؤثر في الهرمونات التي تفرزها الأم
وتنتقل إلى الجنين،

وإذا طالت هذه الحالة فإنها لا بد أن تؤثر على نفسيته وانفعالاته
وعلى صحته، ولهذا ينبغي أن يحرص الزوج على أن يهيئ لها
جواً ومناخاً مناسباً، وأن تحرص هي على أن تتجنب الحالات
التي تؤدي بها حدة الانفعال .

أمر آخر أيضاً له دور وتأثير على الجنين وهو اتجاه الأم نحو حملها
أو نظرتها نحو حملها فهي حين تكون مسرورة مستبشرة بهذا
الحمل لا بد أن يتأثر الحمل بذلك، وحين تكون غير راضية عن هذا
الحمل فإن هذا سيؤثر على هذا الجنين، ومن هنا وجه الشرع
الناس إلى تصحيح النظر حول الولد الذكر والأنثى،

قال سبحانه وتعالى (ولله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء
ويهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور. أو يزوجهم ذكراً
وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عليم قدير).

فهو سبحانه وتعالى له ما يشاء وله الحكم سبحانه وتعالى؛
فيقرر للناس أنه عز وجل صاحب الحكم والأمر، وما يختار الله
سبحانه وتعالى أمراً إلا لحكمة، لذا فالزوجة والزوج جميعاً ينبغي
أن يرضوا بما قسم الله، ويعلموا أن ما قسم الله عز وجل خير
لهم، سواءً كان ذكراً أو أنثى، وحين تفقد المرأة هذا الشعور،

فيكشف لها التقرير الطبي أن الجنين الذي في بطنها أنثى،
فتبدأ تغير نظرتها ومشاعرها نحو هذا الحمل أو العكس فإن
هذا لا بد أن يؤثر على الحمل، ونحن هنا لسنا في عيادة طبية
حتى نوجه المرأة الحامل أو نتحدث عن هذه الآثار التي يمكن
أن تخلقها حالة الأم على الحمل، إنما المقصود من هذا كله
أن دور المرأة يبدأ من حين حملها وأنها تعيش مرحلة تؤثر
على مستقبل هذا المولود لا يشاركها غيرها.

الأمر الثالث: دور الأم مع الطفل في الطفولة المبكرة:

الطفولة المبكرة مرحلة مهمة لتنشئة الطفل، ودور الأم فيها
أكبر من غيرها، فهي في مرحلة الرضاعة أكثر من يتعامل مع
الطفل، ولحكمة عظيمة يريدها الله سبحانه وتعالى يكون طعام
الرضيع في هذه المرحلة من ثدي أمه وليس الأمر فقط تأثيراً
طبيًّا أو صحيًّا، وإنما لها آثار نفسية أهمها إشعار الطفل بالحنان
والقرب الذي يحتاج إليه، ولهذا يوصي الأطباء الأم أن تحرص على
إرضاع الطفل، وأن تحرص على أن تعتني به وتقترب منه لو لم ترضعه.

وهنا ندرك فداحة الخطر الذي ترتكبه كثير من النساء حين تترك
طفلها في هذه المرحلة للمربية والخادمة؛ فهي التي تقوم
بتنظيفه وتهيئة اللباس له وإعداد طعامه، وحين يستعمل
الرضاعة الصناعية فهي التي تهيئها له، وهذا يفقد الطفل قدراً
من الرعاية النفسية هو بأمس الحاجة إليه.

وإذا ابتليت الأم بالخادمة -والأصل الاستغناء عنها- فينبغي أن
تحرص في المراحل الأولية على أن تباشر هي رعاية الطفل،
وتترك للخادمة إعداد الطعام في المنزل أو تنظيفه أو غير ذلك
من الأعمال، فلن يجد الطفل الحنان والرعاية من الخادمة كما
يجدها من الأم، وهذا له دور كبير في نفسية الطفل واتجاهاته
في المستقبل، وبخاصة أن كثيراً من الخادمات والمربيات في
العالم الإسلامي لسن من المسلمات، وحتى المسلمات غالبهن
من غير المتدينات، وهذا لا يخفى أثره، والحديث عن هذا الجانب
يطول، ولعلي أن أكتفي بهذه الإشارة.

فالمقصود أن الأم كما قلنا تتعامل مع هذه المرحلة مع الطفل
أكثر مما يتعامل معه الأب، وفي هذه المرحلة سوف يكتسب
العديد من العادات والمعايير، ويكتسب الخلق والسلوك الذي
يصعب تغييره في المستقبل، وهنا تكمن خطورة دور الأم فهي
البوابة على هذه المرحلة الخطرة من حياة الطفل فيما بعد،
حتى أن بعض الناس يكون مستقيماً صالحاً متديناً لكنه لم ينشأ
من الصغر على المعايير المنضبطة في السلوك والأخلاق، فتجد
منه نوعاً من سوء الخلق وعدم الانضباط السلوكي، والسبب أنه
لم يترب على ذلك من صغره.

الأمر الرابع : دور الأم مع البنات:

لئن كانت الأم أكثر التصاقاً بالأولاد عموماً في الطفولة المبكرة،
فهذا القرب يزداد ويبقى مع البنات.

ولعل من أسباب ما نعانيه اليوم من مشكلات لدى الفتيات يعود
إلى تخلف دور الأم التربوي، فالفتاة تعيش مرحلة المراهقة
والفتن والشهوات والمجتمع من حولها يدعوها إلى الفساد
وتشعر بفراغ عاطفي لديها، وقد لا يشبع هذا الفراغ إلا في
الأجواء المنحرفة، أما أمها فهي مشغولة عنها بشؤونها الخاصة،
وبالجلوس مع جاراتها وزميلاتها، فالفتاة في عالم والأم في عالم آخر.

إنه من المهم أن تعيش الأم مع بناتها وتكون قريبة منهن؛
ذلك أن الفتاة تجرؤ أن تصارح الأم أكثر من أن تصارح الأب،
وأن تقترب منها وتملأ الفراغ العاطفي لديها.

ويزداد هذا الفراغ الذي تعاني منه الفتاة في البيت الذي فيه
خادمة، فهي تحمل عنها أعباء المنزل، والأسرة ترى تفريغ هذه
البنت للدراسة لأنها مشغولة في الدراسة، وحين تنهي أعباءها
الدراسية يتبقى عندها وقت فراغ، فبم تقضي هذا الفراغ: في
القراءة؟ فنحن لم نغرس حب القراءة لدى أولادنا.

وبين الأم وبين الفتاة هوه سحيقة، تشعر الفتاة أن أمها لا
توافقها في ثقافتها وتوجهاتها، ولا في تفكيرها، وتشعر بفجوة
ثقافية وفجوة حضارية بينها وبين الأم؛ فتجد البنت ضالتها في
مجلة تتحدث عن الأزياء وعن تنظيم المنزل، وتتحدث عن الحب
والغرام، وكيف تكسبين الآخرين فتثير عندها هذه العاطفة،
وقد تجد ضالتها في أفلام الفيديو، أو قد تجد ضالتها من خلال
الاتصال مع الشباب في الهاتف، أو إن عدمت هذا وذاك ففي
المدرسة تتعلم من بعض زميلاتها مثل هذه السلوك.

الأمر الخامس: الأم تتطلع على التفاصيل الخاصة لأولادها:

تتعامل الأم مع ملابس الأولاد ومع الأثاث وترتيبه، ومع أحوال
الطفل الخاصة فتكتشف مشكلات عند الطفل أكثر مما يكتشفه
الأب، وبخاصة في وقتنا الذي انشغل الأب فيه عن أبنائه،
فتدرك الأم من قضايا الأولاد أكثر مما يدركه الأب.

هذه الأمور السابقة تؤكد لنا دور الأم في التربية وأهميته،
ويكفي أن نعرف أن الأم تمثل نصف المنزل تماماً ولا يمكن
أبداً أن يقوم بالدور التربوي الأب وحده، أو أن تقوم به المدرسة
وحدها، فيجب أن تتضافر جهود الجميع في خط واحد.

لكن الواقع أن الطفل يتربى على قيم في المدرسة يهدهما
المنزل، ويتربى على قيم في المنزل مناقضة لما يلقاه في
الشارع؛ فيعيش ازدواجية وتناقضا ، المقصود هو يجب أن
يكون البيت وحده متكاملة.

لا يمكن أن أتحدث لا يمكن أن أتحدث عن الدور الذي ننتظره
من الأم في التربية، إنما هي فقط مقترحات أردت أن أسجلها.

مقترحات تربوية للأم:

مهما قلنا فإننا لا نستطيع أن نتحدث بالتفصيل عن دور الأم في
التربية، ولا نستطيع من خلال ساعة واحدة أن نُخرِّج أماً مربية،
ولهذا رأيت أن يكون الشق الثاني -بعد أن تحدثنا في عن أهمية
دور الأم- عبارة عن مقترحات وتحسين الدور التربوي للأم وسجلت هنا، ومن هذه المقترحات:

أولاً: الشعور بأهمية التربية:

إن نقطة البداية أن تشعر الأم بأهمية التربية وخطورتها، وخطورة
الدور الذي تتبوؤه، وأنها مسؤولة عن جزء كبير من مستقبل
أبنائها وبناتها، وحين نقول التربية فإنا نعني التربية بمعناها
الواسع الذي لايقف عند حد العقوبة أو الأمر والنهي، كما يتبادر
لذهن طائفة من الناس، بل هي معنى أوسع من ذلك.

فهي تعني إعداد الولد بكافة جوانب شخصيته: الإيمانية،
والجسمية، والنفسية، والعقلية الجوانب الشخصية المتكاملة
أمر له أهمية وينبغي أن تشعر الأم والأب أنها لها دور في رعاية
هذا الجانب وإعداده.

وفي جانب التنشئة الدينية والتربية الدينية يحصرها كثير من
الناس في توجيهات وأوامر أو عقوبات، والأمر أوسع من ذلك،
ففرق بين شخص يعاقب ابنه حيث لا يصلي وبين شخص آخر
يغرس عند ابنه حب الصلاة، وفرق بين شخص يعاقب ابنه
حين يتفوه بكلمة نابية، وبين شخص يغرس عند ابنه رفض
هذه الكلمة وحسن المنطق، وهذا هو الذي نريده حين نتكلم
عن حسن التربية، فينبغي أن يفهم الجميع –والأمهات بخاصة-
التربية بهذا المعنى الواسع.

ثانياً: الاعتناء بالنظام في المنزل:

من الأمور المهمة في التربية -ويشترك فيها الأم والأب لكن
نؤكد على الأم- الاعتناء بنظام المنزل؛ فذلك له أثر في تعويد
الابن على السلوكيات التي نريد.

إننا أمة فوضوية: في المواعيد، في الحياة المنزلية، في تعاملنا
مع الآخرين، حتى ترك هذا السلوك أثره في تفكيرنا فأصبحنا
فوضويين في التفكير.

إننا بحاجة إلى تعويد أولادنا على النظام، في غرفهم وأدواتهم،
في مواعيد الطعام، في التعامل مع الضيوف وكيفية استقبالهم،
ومتى يشاركهم الجلوس ومتى لايشاركهم؟


ثالثاً: السعي لزيادة الخبرة التربوية:

إن من نتائج إدراك الأم لأهمية التربية أن تسعى لزيادة خبرتها التربوية والارتقاء بها، ويمكن أن يتم ذلك من خلال مجالات عدة، منها:

أ : القراءة؛ فمن الضروري أن تعتني الأم بالقراءة في الكتب
التربوية، وتفرغ جزءاً من وقتها لاقتنائها والقراءة فيها، وليس
من اللائق أن يكون اعتناء الأم بكتب الطبخ أكثر من اعتنائها
بكتب التربية.

وحين نلقي سؤالاً صريحاً على أنفسنا: ماحجم قراءاتنا التربوية؟
وما نسبتها لما نقرأ إن كنا نقرأ؟ فإن الإجابة عن هذه السؤال
تبرز مدى أهمية التربية لدينا، ومدى ثقافتنا التربوية.

ب : استثمار اللقاءات العائلية؛ من خلال النقاش فيها عن أمور
التربية، والاستفادة من آراء الأمهات الأخريات وتجاربهن في
التربية، أما الحديث الذي يدور كثيراً في مجالسنا في انتقاد
الأطفال، وأنهم كثيرو العبث ويجلبون العناء لأهلهم، وتبادل
الهموم في ذلك فإنه حديث غير مفيد، بل هو مخادعة لأنفسنا
وإشعار لها بأن المشكلة ليست لدينا وإنما هي لدى أولادنا.

لم لانكون صرحاء مع أنفسنا ونتحدث عن أخطائنا نحن؟ وإذا كان
هذا واقع أولادنا فهو نتاج تربيتنا نحن، ولم يتول تربيتهم غيرنا،
وفشلنا في تقويمهم فشل لنا وليس فشلاً لهم.

ج: الاستفادة من التجارب، إن من أهم مايزيد الخبرة التربوية
الاستفادة من التجارب والأخطاء التي تمر بالشخص، فالأخطاء
التي وقعتِ فهيا مع الطفل الأول تتجنبينها مع الطفل الثاني،
والأخطاء التي وقعتِ فيها مع الطفل الثاني تتجنبينها مع الطفل
الثالث، وهكذا تشعرين أنك ما دمت تتعاملين مع الأطفال فأنت
في رقي وتطور.

الأدوار التربوية المناطة بالمرأة الأم:
- تبني مسؤولية التربية: لا تستطيع المرأة أن تؤدي دورها التربوي ما
لم تتبنَّ تلك القضية وجدانياً من خلال حملها لهمّ التربية، ويقينها
التام بدورها في إعداد الفرد، وانعكاس ذلك على صلاحه وصلاح الأمة، ثم
سعيها الدؤوب نحو تزويد من تعول تربوياً بما صح وتأكد من مغانم تربوية
كسبتها من خلال ما نالته في رقيها التربوي الإسلامي
"
إن التطبيقات الضرورية لهذا الدور التربوي الهام تتضح من خلال عدد من
الإجراءات منها:
1 - تربية ايمانية
* تربية الأبناء على حب الله ورسوله، ربط قلوبهم بالله ومراقبته في كل
تصرفاتهم، ويكون ذلك منذ طفولتهم المبكرة؛ إذ يُعلَّمون النطق
بالشهادتين، ويُوجَّهون إلى إرجاع كل نعمة إلى الله وحده، وحينما تشب
أعوادهم يُعوَّدون على حب الله ورسوله ودفاعهم عنها ويفهمون مهمة المسلم فى الحياة؛ فيتأكد لدى الطفل أنه لأجل الإيمان بالله وعبادته خُلق؛
فيعيش تأكيداً لمعاني ذلك الإيمان محققاً العبودية لله وحده ويموت دفاعاً عنها.
.ويندرج ضمن هذه التربية تعويد الطفل منذ مرحلة تمييزه على الأداء
الصحيح للعبادات؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم : "مروا صبيانكم بالصلاة
إذا بلغوا سبعاً، واضربوهم عليها إذا بلغوا عشراً، وفرِّقوا بينهم في
المضاجع".
على الأم أن تُعوِّد الأطفال على الطاعات كالصلاة والصيام وقراءة
القرآن، وتحذرهم من ارتكاب المعاصي كالكذب والسرقة والخيانة والغش.

ثانياً: التربية الجسمية:تبدأ تلك التربية منذ وقت مبكر حين تركز
المرأة عنايتها بما خُلق في رحمها من خلال اهتمامها بالتغذية والراحة،
ثم تستمر تلك التربية بعد الولادة حين يضع المنهج الإسلامي مسألة
الرضاعة وتغذية الرضيع من المسائل الأساسية التي تُكلَّف بها المرأة.
قال الله تعالى : والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن
يتم الرضاعة {البقرة: 233}.
ولكي تمارس الأم ذلك الدور لا بد أن يكون لديها وعي تام بأهمية هذا
الجانب التربوي المعتمد على الثقافة الصحية المتوازية مع التطبيق
العملي لهذه الثقافة.

ثالثاً: التربية السلوكية:بتأكيد أهمية البيت في تبني السلوكيات الطيبة
تتضح مسؤولية ما تقوم به المرأة في تفعيل دورها العظيم في زرع هذه
السلوكيات، وقلع أي سلوك سيئ ينشأ في حديقتها التربوية حيث رعيتها
الصغيرة، وتهذيب أي سلوك ينشأ منحرفاً عن مساره.وفي مقابل غرس
السلوكيات الحسنة كان إهمال أي سلوك يأخذه الطفل من البيئة المحيطة
يعني تشرُّبه السلوكيات الخاطئة واستنكاره أي نصيحة مقومة لـه. وغالباً
ما يأتي الإهمال من قِبَل الوالدين جميعاً أو باتكال أحدهما على الآخر،
أو كما قال ابن القيم: "وكم ممن أشقى ولده وفلذة كبده في الدنيا
والآخرة بإهماله، وترك تأديبه، وإعانته على شهواته، ويزعم أنه يكرمه
وقد أهانه، وأنه يرحمه وقد ظلمه، ففاته انتفاعه بولده، وفوَّت عليه حظه
في الدنيا والآخرة. إن مهام المرأة في ذلك الدور كما هو في جميع مهامها
التربوية لا بد أن يسير بمشاركة الوالد تدعيماً وعوناً، وفيما يخص
مهمته التربوية؛ فإن تعاضد المرأة والرجل في بذر السلوك الحسن وتكوين
القدوة الصالحة له أنجع الأمور للوصول إلى نتائج سريعة ومثمرة، ولأن
المربين قد أدركوا أن من ضمن الأسس التي ترتكز عليها المنهجية التربوية
الإسلامية في التربية هو إيجاد القدوة الحسنة؛ فقد حرصوا على ذلك الأمر
من منطلق أن الطفل يبدأ إدراكه بمحاكاة ذويه ومن حوله حتى يتطبع
بطبائعهم وسلوكياتهم وأخلاقهم.

رابعاً: التربية النفسية:تعتمد تلك المهمة على إقرار حقيقة في الصحة
النفسية هي أن العطف والحنان بلا إفراط ولا تفريط هما أساس الصحة
النفسية لدى الأفراد؛ فينشأ الأطفال ويشب النشء وهم مترفلون بهذه
الصحة؛ ولهذا فقد مدح الرسول صلى الله عليه وسلم صفة الحنان في نساء
قريش بقوله: "صالح نساء قريش، أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على زوج
في ذات يده".وهذه التربية النفسية لا تتأتى فقط بما تمنحه الأم من
رعاية وحنان وعطف جُبلت النساء عليه، وإنما لا بد من تعاضد الوالدين
جميعاً في تهيئة البيئة المنزلية لتكون بيئة صالحة هادئة ينشأ فيها
الطفل متزناً واثقاً من نفسه؛ إذ ثبت أن الحياة العائلية المضطربة
والمشاحنات بين أفراد الأسرة وبخاصة قطبيها الأب والأم يؤثران بشكل
ملحوظ على تكوين شخصية مضطربة تنفر من الحياة وتكرهها، وثبت أيضاً أن
أغلب الأمراض الخُلُقية مثل الأنانية والفوضى وفقدان الثقة بالنفس وعدم
الإحساس بالمسؤولية والنفاق إنما تبذر بذرتها الأولى في المنازل، وأن
من الصعوبة على المدرسة والمجتمع استئصال تلك الأمراض إذا تزمَّنت
وتمكنت في نفس النشء أو الأطفال.
ولهذا أيضاً كانت المنهجية التربوية الإسلامية تعتمد على مراقبة سلوك
الطفل وتصرفاته وتوجيهه في حينه إلى التعديل المناسب لذلك السلوك مهما
كان ذلك السلوك حقيراً أو عظيماً
و من المهام التربوية:
1 - حفظ الطفل من قرناء السوء.
2 - أن تمارس المرأة مهمتها بإخلاص في غرس الفضائل والعناية بالواجبات،
وتعويد الصغار على معالي الأمور.
3 - ربط النشء بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة، وتعليقهم بما
تشمله سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وتراجم الصحابة من علو ورفعة
وعزة.
4 - أن تضع المرأة شعاراً تطبقه في تربية من تعول تعتمد على تفعيل حديث
الرسول صلى الله عليه وسلم : "اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة
تمحها، وخالِقِ الناس بخُلق حسن".