الخميس، 10 أبريل 2008

الرد العلمى على الفيلم الهولندى" فتنة"





الحرب التي يعلنها الإسلام لتأمين السلام العالمي هي التي يعبر عنها القرآن بالجهاد في سبيل الله، وهو ليس كما يصوّره المتعصبون من الغربيين حرباً دينية لإكراه الناس على الإسلام.. فذلك ليس من طبيعة الإسلام الذي أعلن حرية العقيدة
{بقوله لا إكراه في الدين} وإنما هو معركة يخوضها الإسلام لتحرير الأمة من العدوان الخارجي، ولتأمين الحرية الدينية والعدالة الإجتماعية لجميع الشعوب.. وهاتان الغايتان هما اللتان عبَّرت عنهما الآية بصريح العبارة {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله} فدفع الفتنة وهو العدوان، وخلاص الدين كله لله أي الحرية الدينية لجميع الناس هما الغاية التي ينتهي عندها القتال في الإسلام، فإذا كف العدو عن العدوان وعن فتنة الأمة في دينها وعقيدتها لم يجز القتال {فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين}.ولنقرأ الآيات التالية لنزداد علماً بأهداف الجهاد في سبيل الله: 1- وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك ولياً واجعل لنا من لدنك نصيراً}.
(2- أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير * الذين أخرجوا من ديارهم بغير حقٍ إلا أن يقولوا ربنا الله
3-ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامعُ وبيعٌ وصلواتٌ ومساجدُ يذكر فيها اسم الله كثيراً. )
4- (الذين ءامنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إنَّ كيد الشيطان كان ضعيفاً} [سورة النساء: 76.هذه أربع آيات من القرآن الكريم تتحدث عن الجهاد في سبيل الله، فلننظر ما هو هذا الجهاد في هذه الآيات؟
أما الآية الأولى فالجهاد قتال لتحرير المضطهدين المظلومين الذين ضاقت حيلتهم في دفع الظلم والطغيان عن أنفسهم، فاستنجدوا بالله أن يخرجهم من الأرض التي طغى الظالمون فيها، وسألوه أن يجعل لهم أولياء ينصرونهم ويخرجونهم من هذه المحنة، فحرّض الله المؤمنين على تحرير هؤلاء المضطهدين بعد أن وصف حالهم بما يثير الحمية في النفوس الأبية الكريمة {وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين...}!..
وأما الآيتان الثانية والثالثة فتدلان على أن الجهاد في سبيل الله حرب دفاعية، ولذلك جاء تبريرها بأنهم قوتلوا وظلموا وأخرجوا من ديارهم وطوردوا في عقيدتهم، وعلى أن هذا الجهاد لتأمين الحرية الدينية وحماية أماكن العبادة لجميع الأديان المنزلة من عدوان الملحدين والمتعصبين عليه (لهدمت صوامعُ وبيعٌ وصلواتٌ ومساجدُ) والصوامع هي أديرة الرهبان، والبيع أماكن العبادة للنصارى، والصلوات أماكن العبادة لليهود، والمساجد أماكن العبادة للمسلمين. فالغرض من الجهاد في سبيل الله كما ترى صيانة الكنيسة وأماكن العبادة وفيها المساجد من عدوان المتعصبين، وليس الغرض منه ما يقوله أعداء الإسلام أن يقوم المسجد على أنقاض الكنيسة، بل أن يقوم المسجد بجانب الكنيسة رمزاً لعبادة الله في مختلف طرق العبادة، ودليلاً على وحدة الأهداف العامة بين ديانات السماء، ومصداراً للإشعاع الروحي والسمو الخلقي في الأمة.
أما الآية الرابعة (الذين ءامنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت) فهذا حدٌ فاصل بين الحرب التي يعلنها الإسلام وبين الحرب التي يعلنها أعداؤه عليه.. فالحرب التي يعلنها الإسلام حرب في سبيل الحق والحرية والعدالة والسمو الروحي والخلقي.. أما الحرب التي يعلنها أعداؤه فهي حرب طغيان وظلم واضطهاد، وما أبعد دلالة 'الطاغوت' على أهداف الحرب العدوانية التي يقف الإسلام في وجهها!..لم يبق بعد ذلك شك في الأهداف الإنسانية النبيلة للجهاد في سبيل الله.. وهو جهاد في سبيل الغايات الكريمة التي قامت من أجلها الشرائع، وتسعى إليها الإنسانية الكريمة في كل عصر.. هو في سبيل الله.. أي لا في سبيل المال ولا التهديم ولا الاستعلاء ولا الغلبة ولا الأمجاد القومية أو الطائفية.. فمن سعى إلى شيء من هذا لم يكن مجاهداً في نظر الإسلام يستحق أجر المجاهدين وكرامة الشهداء..وتاريخ الرسول في حروبه أوضح دليل على المعنى النبيل الذي خاض من أجله رسول الله صلى الله عليه وسلم حروبه ومعاركه، فما أعلن الرسول الحرب إلا بعد أن اضطهد هو وجماعته في عقيدتهم، وأخرجوا من أوطانهم، فجاءت معركة بدر وما تلاها من معارك في سبيل الحرية الدينية وإقرار السلام والأمن في ربوع الجزيرة العربية، ذلك السلام الذي حاربه الوثنيون من العرب فأحالوا بطاح مكة ورمالها إلى ميادين لتذبيح المؤمنين وتعذيبهم ومطاردتهم في أرزاقهم وأوطانهم وأموالهم. ولقد ظل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشر عاماً يصبر ويدعو إلى الله بالحكمة، حتى إذا لجت قريش في طغيانها، وصممت على وأد الدعوة الجديدة في مهدها بقتل الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته، وهاجر المسلمون إلى المدينة مستقر الدعوة والدين الجديد، بدأ الصراع بين القوة الجديدة التي تمثل الحق والتسامح والفضيلة والكمال في أروع صوره، وبين القوة الوثنية الطاغية التي تمثل العتو والكبرياء والطغيان في أبشع صوره ومظاهره..."

ليست هناك تعليقات: