من أصول الإيمان بالله عز وجل التي لا يصح إيمان عبد إلا بها الإيمان بأسمائه سبحانه وصفاته وآثارها والإيمان بقضائه وقدره وأنه ما من شيء يحدث في ملكوت الله عز وجل من مكروه ومحبوب إلا والله سبحانه قد كتبه وعلمه قبل حدوثه وهو الذي خلقه وأحدثه بقدرته سبحانه وحكمته البالغة التي قد يظهر للعقول شيء منها ويغيب عنها جوانب كثيرة تعجز عن إدراكها.
واليوم وبعد اندحار اليهود فى غزة نقف وقفة مع هذا الحدث الجسيم علها أن تساهم في تقوية الثقة بديننا وتقوية اليقين بنصر الله عز وجل لدينه وإظهاره على الدين كله ولو كره المشركون
وننوه الى وجوب ربط هذه الأحداث وغيرها بمقتضى أسماء الله عز وجل الحسنى وصفاته العلا ومقتضى سننه التي لا تتبدل
ما أحوج المسلمين إلى تقوية هذه المفاهيم في قلوبهم ولا سيما في هذا الزمان الذي طغت فيه التفسيرات المادية للأحداث وأصبحنا لا نكاد نسمع في وسائل الإعلام والتوجيه والتثقيف من يربط الناس وما يجري عليهم من الأحداث بالله عز وجل وتفرده في التدبير والقوة والقدرة والقهر والحكمة والرحمة وغيرها من صفات الله عز وجل العلى وأسمائه الحسنى. كما لا نكاد نسمع من يربطها بسنن الله عز وجل في التغيير وسنته سبحانه في عقوبة العصاة والظالمين وإهلاك الكافرين، وسننه سبحانه في نصره لعباده المؤمنين وانتصاره للمستضعفين.
ولو أن هذا المنهج المادي في النظرة للأحداث قد انحصر في أهل الكفر والإلحاد لم يكنه هذا غريباً لما يعيشونه من خواء عقدي وروحي ولما يتقلبون فيه من ظلمات الكفر والتصورات وعمى القلوب والبصائر قال الله عز وجل في وصفهم: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الرعد: 19]، فهم قد عموا عن قدرة الله وعز وجل وقهره وعما يترتب على كفرهم وظلمهم من العقوبات، وإنما الغريب أن تنتشر مثل هذه التفسيرات في إعلام المسلمين ومجتمعاتهم.
ولعل من المناسب هنا إيراد ذلك الحوار الذي ذكره الله عز وجل في كتابه الكريم بين نوح عليه السلام وبين ابنه الكافر والذي يظهر في الفرق بين من ينظر بالميزان الإلهي للأحداث وبين من ينظر إليها بالموازين المادية الصرفة والمتمثل في ابن نوح الكافر، قال الله عز وجل: {وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ (42) قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ} [هود: 43-42].
ففي هذا الحدث الكوني الهائل والمتمثل في ذلك الطوفان العظيم الذي غطى الأرض سهلها وجبلها وصار موجه كالجبال نرى أن نوحاً عليه الصلاة والسلام المؤمن بربه سبحانه وقدرته وقهره وتدبيره لكل شيء وحكمته وعدله ولطفه لما نظر إلى هذا الحدث العظيم بهذا الميزان الإلهي المستقيم دعا ابنه ليلحق به في السفينة لينجو من عذاب الله تعالى وحذره بأن لا يبقى مع الكافرين الذين لهم العذاب في الدنيا ولعذاب الآخرة أكبر. وهنا لطيفة: حيث قال نوح لابنه {ارْكَبْ مَعَنَا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ} ولم يقل (مع الغارقين) أو (مع الهالكين) لأن المصيبة العظمى هي في الكفر وليست في الموت غرقاً. ثم إنه بهذا الميزان الإلهي للحدث قال لابنه: {لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ} فليس ثمة اليوم إلا الله عز وجل الذي يعصم عباده المؤمنين ويرحمهم وينجيهم برحمته ومن كفر فلا عاصم ولا راحم له من دون الله عز وجل مهما فعل من الأسباب المادية للإنقاذ.
أما ابن نوح الكافر فإنه لما نظر إلى الحدث – الطوفان الهائل – بالنظرة المادية وفسره بأنه ظاهرة كونية تتمثل في طوفان وفيضان عظيم ولم يربطها بقدرة الله عز وجل وحكمته وتدبيره وسننه ما كان منه إلا أن ينظر إلى أسباب مادية يتعلق بها في نجاته فقال: {سَآوي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ}، وماذا أغنى عنه الجبل حين انقطعت عنه رحمة الله عز وجل؟ إنه لم يغن عنه شيئاً وإنما كانت عاقبته كما أخبر الله عز وجل: {وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ} [هود: 43].
لقد خرجت اسرائيل على العالم غطرسةً وكبراً ورئاء الناس وهم يقولون من أشد منا قوة؟ فاستباحت ديار المسلمين فى غزة وامطرتهم باقوى اسلحتها العسكرية زاعمين أنهم سيجعلون الشعب اليهودى أكثر أمناً واستقراراً، فغدا أشد خوفاً ورعباً
وكانوا يظنون أن احتلال غزة سيكون نزهة سريعة يعودون بعدها بالنصروالفخار فرجعوا بالهزيمة والانكسار .
وها هي غطرستهم وقوتهم وكبريائهم تتحطم وتنهار على يد من احتقرتهم وسخرت من صواريخهم وأصبح المجاهدون على ضعفهم وقلة الناصر لهم غصة في حلوقهم تلحقهم الهزائم يوماً بعد يوم حتى قذف الله الرعب فى قلوبهم انتصاراً منه سبحانه لعباده المؤمنين فانسبوا دون شرط او قيد، فجزى الله المجاهدين عنا وعن المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها خير الجزاء، فلقد كانوا سبباً رئيساً فيما لحق ويلحق باليهود وحلفائهم من الهزائم والانهيارات المتلاحقة والحمد لله..
فهلا وعينا سنن الله فى تفسير الأحداث
وهلا قدرنا للمجاهدين حقهم وعرفنا قدرهم وقمنا بنصرهم ودعمهم؟
الأربعاء، 18 فبراير 2009
وقفة مع احداث غزة
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق